من المتوقع صدور بيانات مؤشر التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي (PCE) اليوم، وسط ترقّب كبير من المستثمرين، خصوصًا في سوق العملات الرقمية. يُعد هذا المؤشر أداة محورية يعتمد عليها الفيدرالي في توجيه قرارات السياسة النقدية، وقد أثبتت البيانات السابقة لمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي تأثيرها المباشر على تحركات السوق، مما يجعل المستثمرين يولون التقرير أهمية قصوى، خاصة إذا ساهم في تقوية احتمالات خفض أسعار الفائدة، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع قوي في أسعار الأصول الرقمية.
التوقعات تشير إلى أن الضغوط التضخمية قد تكون في حالة تباطؤ، إذ يُنتظر أن يُظهر التقرير انخفاض معدل التضخم الأساسي – الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة – إلى 2.6% في مارس، بعد أن سجل 2.8% في فبراير، بينما يُتوقع أن يتراجع معدل التضخم العام، الذي يشمل جميع فئات الإنفاق، إلى 2.2%، مما يشير إلى استمرار الاتجاه الهابط. ورغم أن هذه الأرقام لا تزال أعلى من هدف الفيدرالي البالغ 2%، فإنها تسير في الاتجاه الصحيح، ما يمنح الأسواق مزيدًا من الأمل في تحسن بيئة الاقتصاد الكلي.
وعلى الرغم من شهرة مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، فإن الاحتياطي الفيدرالي يعطي الأولوية لمؤشر PCE، لأنه يعكس بشكل أدق أنماط الإنفاق الفعلية للمستهلكين، بما في ذلك التغيرات في الطلب على الخدمات مثل الرعاية الصحية. لذا، فعندما تبدأ بيانات هذا المؤشر في التباطؤ، يستدعي ذلك اهتمام صانعي القرار النقدي. القراءة الضعيفة للتضخم تمنح الفيدرالي مساحة أكبر للنظر في خفض أسعار الفائدة، ما يجعل التقرير المنتظر ذا تأثير واسع لا يقتصر فقط على الاقتصاد الكلي، بل يمتد أيضًا إلى سوق العملات الرقمية.
إذا واصلت معدلات التضخم تراجعها، فقد يعزز ذلك توجه الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة في وقت أقرب من المتوقع، وهو ما سيكون إيجابيًا للأصول عالية المخاطر، وعلى رأسها العملات الرقمية. فالفائدة المنخفضة عادة ما تدفع المستثمرين إلى تحويل أموالهم من الأصول الآمنة مثل السندات إلى استثمارات ذات إمكانات ربحية أكبر مثل البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى. ومع انخفاض تكلفة الاقتراض وزيادة السيولة، تجد سوق العملات الرقمية دعمًا قويًا، وهو ما يجعل من تقرير اليوم نقطة انطلاق محتملة لموجة صعود جديدة.
وقد بدأت الأسواق المالية، ومن ضمنها سوق العملات الرقمية، بإظهار بوادر تفاعل مع هذه التوقعات، حيث يشير مراقبو السوق إلى ارتداد طفيف في أسعار العملات الرقمية مع اقتراب صدور البيانات. في ظل الاستعداد لاحتمال استمرار التضخم، قد تشكل الأرقام المنتظرة مصدر ارتياح نسبي، حيث إن أي إشارات على تباطؤ التضخم، حتى وإن كانت بسيطة، قادرة على تحريك الأسعار على المدى القصير. وإذا واصلت البيانات القادمة تأكيد هذا التوجه، فقد نشهد مزيدًا من التفاؤل في أوساط المستثمرين في العملات الرقمية، لأن تأثير التقرير لا يقتصر على لحظة صدوره، بل يتعلق بمسار السياسة النقدية التي قد تتغير بسببه.
وفي النهاية، ورغم أن تقرير اليوم قد يكون مؤشرًا إيجابيًا، إلا أن الصورة الكاملة لم تتضح بعد. ففي حال عاد التضخم للارتفاع، قد يغير الفيدرالي نبرته ويؤجل أي تخفيف مرتقب في الفائدة. أما إذا استمر الاتجاه الهابط لمعدلات التضخم، فقد نشهد بيئة أكثر ملاءمة لانتعاش الأصول الرقمية. ولهذا، تبقى بيانات مؤشر PCE في الأشهر المقبلة من أهم الإشارات التي يجب متابعتها لفهم مستقبل الاقتصاد الأميركي، واتجاه السياسة النقدية، وانعكاساتها المحتملة على سوق العملات الرقمية.
