سوق الأسهم الأمريكية لطالما كان مؤشرًا رئيسيًا على صحة الاقتصاد، حيث تُعتبر المؤشرات الرئيسية مثل S&P 500 وDow Jones Industrial Average مقياسًا للقوة المالية. ومع ذلك، تزايدت مخاوف المستثمرين والمحللين بشأن ضعف اتساع السوق، وهو علامة أساسية على صحة السوق بشكل عام. فعلى الرغم من أن المؤشرات الرئيسية وصلت إلى مستويات قياسية جديدة، إلا أن اتساع السوق – الذي يُعرّف بعدد الأسهم الصاعدة مقارنة بالأسهم الهابطة – قد أظهر علامات على الضعف. هذا التباين بين أداء الأسهم القوية وأداء السوق الأوسع قد يشير إلى تحديات محتملة في المستقبل.
ما هو اتساع السوق؟
اتساع السوق هو أداة تحليل فني تُستخدم لقياس القوة الداعمة لحركة السوق من خلال النظر في عدد الأسهم المشاركة في الارتفاع أو التراجع. في سوق صحي، ترتفع مجموعة واسعة من الأسهم جنبًا إلى جنب مع المؤشرات الرئيسية. أما عندما يضعف السوق، فقد تستمر المؤشرات الرئيسية في الارتفاع، لكن عددًا أقل من الأسهم يكون وراء تلك المكاسب.
الاتجاهات الحالية في اتساع السوق الأمريكية
في السنوات الأخيرة، ظهر اتجاه مقلق في أسواق الأسهم الأمريكية. على الرغم من أن مؤشرات مثل S&P 500 وNASDAQ شهدت نموًا كبيرًا، إلا أن هذا النمو قادته بشكل كبير عدد قليل من أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية الكبيرة. شركات مثل Apple وMicrosoft وTesla كانت في مقدمة هذا الاتجاه، مسهمةً بشكل غير متناسب في مكاسب السوق الإجمالية.
هذا التركيز على عدد قليل من الشركات الكبرى يثير مخاوف حول اتساع السوق. حيث لم تحافظ قطاعات أوسع من سوق الأسهم، خاصة أسهم الشركات ذات رأس المال المتوسط والصغير، على نفس وتيرة النمو التي شهدتها المؤشرات الكبرى. فعلى سبيل المثال، في حين أن S&P 500 وNASDAQ شهدتا ارتفاعًا، تأخرت مؤشرات مثل Russell 2000 الخاصة بالشركات الصغيرة.
الفجوة المتزايدة بين الأسهم ذات رأس المال الكبير والشركات الأصغر تُعد علامة كلاسيكية على ضعف اتساع السوق. إذا كان عدد قليل فقط من الأسهم يدفع السوق للأعلى، فقد يشير ذلك إلى أن صحة السوق بشكل عام أقل قوة مما يبدو. وأي تغيير في أداء هذه الأسهم الرائدة قد يعرض السوق بأكمله للخطر.
لماذا يُعد ضعف اتساع السوق مهمًا؟
-
احتمالية تصحيح السوق: إذا كانت المكاسب متركزة في عدد قليل من الأسهم، فإن السوق قد يفتقر إلى أساس متين. وفي حال بدأت الأسهم الرائدة في التراجع، فقد يشهد السوق هبوطًا كبيرًا، نظرًا لعدم وجود دعم واسع النطاق للحفاظ على الزخم الصاعد. على سبيل المثال، قد يؤدي التراجع في أسهم التكنولوجيا – التي تُعتبر حاليًا ذات تقييمات مرتفعة – إلى عمليات بيع أوسع في السوق.
-
فقدان ثقة المستثمرين: غالبًا ما يُنظر إلى اتساع السوق كمؤشر على ثقة المستثمرين. إذا كان عدد قليل فقط من الأسهم يتقدم، فقد يُشير ذلك إلى أن المستثمرين يفتقرون إلى الثقة في قوة السوق الإجمالية، مما يؤدي إلى تقلبات متزايدة مع قيام المستثمرين بتعديل محافظهم الاستثمارية بحذر.
-
مخاوف اقتصادية: يعكس التركيز الضيق للرالي مخاوف محتملة بشأن الاقتصاد الأوسع. إذا كانت القطاعات أو الشركات القليلة فقط تحقق أداءً جيدًا، فقد يشير ذلك إلى أن النمو الاقتصادي لا يتم الشعور به بشكل عام. يمكن أن يشير هذا إلى مشكلات خاصة بقطاعات معينة أو تحديات اقتصادية عامة، مثل ارتفاع التضخم أو تباطؤ أرباح الشركات.
-
مخاطر أسعار الفائدة والتضخم: قد يكون ضعف اتساع السوق مرتبطًا بمخاوف بشأن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. ومع رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، قد تواجه أرباح الشركات والنمو الاقتصادي ضغوطًا متزايدة. إذا ركز المستثمرون بشكل أساسي على عدد قليل من الأسهم التي يمكنها مواجهة هذه التحديات، فقد تستمر مؤشرات السوق الأوسع في إظهار علامات الضعف.
الخلاصة
الانخفاض في اتساع السوق داخل سوق الأسهم الأمريكية هو اتجاه يستحق المتابعة. فعلى الرغم من أن مؤشرات مثل S&P 500 قد تستمر في الوصول إلى مستويات قياسية، إلا أن نقص المشاركة من مجموعة أوسع من الأسهم يثير تساؤلات حول قوة السوق الإجمالية. إذا استمر هذا الاتجاه، فقد يؤدي إلى زيادة التقلبات في السوق وإمكانية حدوث تصحيح. على المستثمرين أن يكونوا حذرين، ويضمنوا تنويع محافظهم الاستثمارية، ويراقبوا المؤشرات الفنية التي قد تشير إلى تغييرات في زخم السوق.