ارتفع الذهب إلى مستويات غير مسبوقة مع بداية تداولات الأسبوع في الأسواق الآسيوية، ليتجاوز حاجز 3,900 دولار للأوقية، مدعومًا بموجة ضعف حادة في الين الياباني، وتزايد التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيواصل خفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة. هذا الصعود القوي جاء في ظل حالة من القلق السياسي والاقتصادي داخل الولايات المتحدة، مع استمرار الإغلاق الحكومي وتعثر المفاوضات داخل الكونغرس بشأن قانون الإنفاق، مما زاد من توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة.
كما أضافت التطورات السياسية في الداخل الأمريكي مزيدًا من الغموض، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب نشر الحرس الوطني في ولاية كاليفورنيا ومدينة بورتلاند بولاية أوريغون، وهي خطوة أثارت اعتراضات محلية وأشعلت الجدل القانوني، لتزيد من حدة التوتر داخل الأسواق.
في المقابل، شهدت أسواق العملات تقلبات حادة، حيث تراجع الين الياباني بقوة بعد فوز السياسية المحافظة ساناي تاكايشي بقيادة الحزب الليبرالي الديمقراطي، ما يمهد لتوليها رئاسة الحكومة. وتُعرف تاكايشي بتوجهاتها المالية المتساهلة، ومعارضتها لأي تشديد إضافي في السياسة النقدية من جانب بنك اليابان، الأمر الذي دفع العملة اليابانية نحو مستويات ضعيفة أمام الدولار، إذ صعد زوج الدولار/ين إلى نحو 149.6.
هذا التراجع أفقد الين جزءًا من جاذبيته كملاذ آمن، ودفع العديد من المستثمرين لتحويل وجهتهم إلى الذهب الذي واصل مكاسبه بثبات. وارتفع السعر الفوري للمعدن النفيس بنحو 1% ليصل إلى 3,926.6 دولارًا للأوقية، فيما صعدت العقود الآجلة لشهر ديسمبر إلى 3,951.3 دولارًا للأوقية، لتسجل قممًا تاريخية جديدة.
يأتي هذا الأداء القوي للمعدن الأصفر في وقت تتزايد فيه الرهانات على أن الفيدرالي الأمريكي سيُقدم على خفض جديد للفائدة في أكتوبر المقبل، بعد أن خفّضها في سبتمبر بمقدار 25 نقطة أساس. بيانات CME FedWatch أظهرت أن الأسواق تُسعّر بالفعل احتمالًا يقارب اليقين لمزيد من التيسير النقدي، وهو ما عزز الاتجاه الشرائي للذهب والمعادن الثمينة.
كما سجلت أسعار الفضة والبلاتين ارتفاعات ملحوظة؛ حيث صعد البلاتين إلى 1,627 دولارًا للأوقية، والفضة إلى 48.29 دولارًا للأوقية. أما المعادن الصناعية فكانت أكثر تماسكًا؛ إذ ارتفع النحاس في بورصة لندن بنسبة طفيفة إلى 10,731 دولارًا للطن، بينما تراجعت عقوده في بورصة كومكس إلى 5.09 دولار للرطل.
ورغم تحسن شهية المخاطرة في الأسواق الأمريكية، فإن الإغلاق الحكومي المستمر ما زال يمثل عامل ضغط على الثقة الاقتصادية، خصوصًا مع تأخر تمرير قانون الإنفاق واستمرار تعطّل عدد من الموظفين الفيدراليين عن العمل. هذا الوضع، إن طال أمده، قد يُحدث تأثيرات مباشرة على النشاط الاقتصادي وسوق العمل، مما يزيد من احتمالات تباطؤ النمو في الربع الأخير من العام.
بصورة عامة، تبدو البيئة الاقتصادية والسياسية الراهنة داعمة لاستمرار الطلب على الذهب كملاذ آمن، خاصة في ظل ضعف الين، وتزايد التوقعات بتخفيف السياسة النقدية الأمريكية، إلى جانب استمرار الضبابية حول الأوضاع المالية في واشنطن. المشهد الحالي يشير إلى أن الذهب قد يواصل التحرك في نطاق صاعد على المدى القصير، طالما بقيت العوامل الجيوسياسية والنقدية تميل لصالحه.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.