أدى تراجع التضخم في الولايات المتحدة وضعف سوق العمل إلى تعزيز توقعات خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، ما دعم شهية المخاطرة في الأسواق مع اقتراب نهاية العام. فقد انخفض التضخم السنوي إلى 2.7% في نوفمبر، أقل بكثير من التوقعات، بينما تباطأ التضخم الأساسي إلى 2.6%، وهو أدنى مستوى منذ عام 2021. كما أظهرت بيانات التوظيف إضافة عدد محدود من الوظائف، ومع مراجعات سلبية للأشهر السابقة، ما يعكس فقدان سوق العمل زخمه ويدعم الرهان على مزيد من التيسير النقدي، وهو ما أبقى الضغط قائماً على الدولار.
في المقابل، اتجهت البنوك المركزية العالمية إلى مسارات متباينة. بنك إنجلترا خفّض الفائدة كما كان متوقعاً، لكن الانقسام الحاد داخل لجنة السياسة النقدية حدّ من أثر القرار وأعطى الجنيه دعماً مؤقتاً، رغم أن البيانات البريطانية تشير إلى تباطؤ النمو وتراجع الضغوط التضخمية، ما يرجح خفضاً إضافياً للفائدة خلال الفترة المقبلة. البنك المركزي الأوروبي أبقى أسعار الفائدة دون تغيير، مؤكداً نهجه القائم على البيانات، مع تحسن طفيف في توقعات النمو واقتراب التضخم من المستوى المستهدف. أما بنك اليابان فرفع الفائدة إلى أعلى مستوى منذ منتصف التسعينات، لكنه أشار إلى أن أي زيادات لاحقة ستكون تدريجية، وهو ما حدّ من دعم الين.
في أسواق السلع، تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، ما انعكس سلباً على عملات الدول المصدّرة للسلع مثل الدولار الأسترالي والكندي والنرويجي. وجاء هذا التراجع في وقت أظهرت فيه مؤشرات مديري المشتريات العالمية فقدان الزخم، خاصة في الولايات المتحدة، رغم بقائها في منطقة النمو، ما عزز التوقعات بخفض الفائدة الأميركية وأضعف الدولار على المدى المتوسط.
العملة الأميركية أظهرت قدراً من الصمود على المدى القصير رغم البيانات السلبية، إلا أنها لا تزال تتجه لتسجيل أحد أسوأ أدائها السنوي منذ عقود، مع تسعير الأسواق لمزيد من الخفض في الفائدة خلال العام المقبل. اليورو استفاد من تحسن نسبي في البيانات الأوروبية وفروق العوائد، لكنه يبقى عرضة لتصحيحات في حال تراجع المعنويات. الجنيه الإسترليني حقق مكاسب ملحوظة أخيراً، إلا أن أساسيات الاقتصاد البريطاني الضعيفة تجعل هذه المكاسب هشة. الفرنك السويسري ظل مستقراً نسبياً رغم تحسن توقعات النمو، فيما واصل اليوان الصيني التحسن بدعم من ضعف الدولار، رغم تباطؤ بعض المؤشرات الاقتصادية المحلية.
بشكل عام، تعكس تحركات الأسواق حالة من الترقب وعدم اليقين، حيث تتزايد الرهانات على تيسير نقدي في الولايات المتحدة مقابل حذر أو تشدد محدود في اقتصادات أخرى، مع بقاء أداء العملات مرتبطاً بتطورات البيانات الاقتصادية وأسعار السلع خلال الفترة المقبلة.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.




