Cannot fetch data from server.

قبل أن تستثمر.. افهم التحليل الأساسي الذي يكشف ما وراء حركة الأسعار

0 155

متابعة حركة الأسعار لا تكفي وحدها لفهم ما يحدث خلف الكواليس من اقتصاد وسياسة وقطاعات، وشركات، حيث يأتي هنا دور التحليل الأساسي كأداة لا غنى عنها لكل متداول يسعى لاتخاذ قرارات مبنية على حقائق وليست عشوائية، فهو يكشف للمستثمر ما إذا كان السعر الحالي يعكس القيمة المناسبة أم يخالفها، ومن خلال دراسة المؤشرات الاقتصادية والبيانات المالية والعوامل المؤثرة في كل أصل، يمنح التحليل الأساسي رؤية استراتيجية عميقة تساعدك على قراءة المستقبل واتخاذ قرارات استثمارية واعية، في السطور القادمة من مدونة LDN ستتعرّف على معنى التحليل الأساسي وأهميته ومراحله وأنواعه حسب نوع الأصل لتصل في النهاية إلى قدرة أعلى على فهم الأسواق من الداخل.

ما هو التحليل الأساسي؟

التحليل الأساسي هو أسلوب شامل لتقييم الأصول المالية من خلال دراسة العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تؤثر على قيمتها الحقيقية، يهدف هذا النهج إلى تحديد القيمة الجوهرية للأصل ومقارنة هذه القيمة بسعره الحالي لمعرفة إذا كان الأصل مقوّمًا بأقل من قيمته أو مبالغًا في سعره، ويعتمد المتداولون والمستثمرون على هذا النوع من التحليل لأنه يمنحهم رؤية أعمق للسوق تساعدهم في اتخاذ قرارات شراء أو بيع أكثر دقة. 

يشبه التحليل الأساسي عملية تقييم سيارة مستعملة؛ فلا يكفي النظر إلى شكلها الخارجي بل يجب فهم قوة محركها وتاريخها وسمعة الشركة المصنعة. وبالمثل فإن التحليل الأساسي يدرس المؤشرات الاقتصادية مثل أسعار الفائدة ونسب التضخم وبيانات التوظيف والناتج المحلي الإجمالي لتحديد القيمة العادلة للعملات أو الأسهم. 

هل يكفي التحليل الأساسي وحده؟

رغم دقته إلا أن التحليل الأساسي يتطلب دراسة متعمقة ومتابعة مستمرة للأخبار والبيانات الاقتصادية كما أنه يعتمد على توقعات مستقبلية قد تختلف من خبير لآخر مما يفسّر تفاوت التقديرات أحيانًا، ولهذا السبب يدمج المتداولون المحترفون بين التحليل الأساسي والتحليل الفني للحصول على رؤية أوضح لحركة الأسعار، خاصة أن التحليل الأساسي يحدد اتجاه السوق على المدى الطويل بينما يساهم التحليل الفني في تحديد نقاط الدخول والخروج. 

أهمية التحليل الاساسي

التحليل الأساسي مهم لأنه يساعد المستثمرين والمتداولين على: 

  1. تحديد القيمة الجوهرية للأصل
    يسمح هذا التحليل بفهم ما إذا كان الأصل مقومًا بأقل من قيمته أو أعلى منها مما يساعد على اكتشاف الفرص الحقيقية في السوق. 
  2. التنبؤ بالأداء المستقبلي
    عندما تكون القيمة الجوهرية للأصل أعلى من سعره الحالي، قد يتوقع المستثمرون صعوده والعكس صحيح، وهذا يمنح رؤية واضحة تجاه الاتجاهات المحتملة. 
  3. اتخاذ قرارات استثمارية دقيقة
    من خلال مقارنة القيمة العادلة بالسعر الفعلي، يستطيع المستثمر تحديد القرار الأمثل: شراء، بيع، أو الاحتفاظ بالأصل. 

باختصار، فإن التحليل الأساسي ليس أداة لتحديد نقاط الدخول والخروج اللحظية لكنه حجر الأساس لفهم تحركات الأسواق وتقدير الاتجاهات طويلة المدى وبناء قرارات استثمارية مدروسة تعتمد على المعرفة الاقتصادية الحقيقية للسوق. 

وسائل التحليل الأساسي

يرتكز التحليل الأساسى على ثلاث وسائل أساسية هى:

  1. تحليل الاقتصاد.
  2. تحليل الصناعات.
  3. أيضًا تحليل الشركات. 

أ- تحليل الاقتصاد   

يشمل تحليل الاقتصاد لأى بلد بالدرجة الأولى على ما يلى: 

1- تحديد النمو المتوقع. 

2- التعرف على عوامل اقتصادية هامة مثل مستوى البطالة، ومستوى التضخم، والذى يؤثر بشكل مباشر على مستوى الفوائد ومستوى دخل الفرد والذى يؤثر على قوته الاستهلاكية. 

3- الوفرة أو العجز بميزانية الحكومة. 

4- الوفرة أو العجز بميزان المدفوعات والتجارة الخارجية حيث أنه عامل مؤثر على سعر صرف العملة. 

ب- تحليل الصناعات 

يهدف تحليل الصناعات للتعرف على مستقبلها في ظل التطورات الاقتصادية في البلد المعني، فمن المعروف أن هذه الصناعات لا تستفيد بدرجة متساوية من أي ازدهار اقتصادي، ولا تتأثر بنفس القوة بأى ركود يصيب الاقتصاد. 

فى الثمانينات مثلاً أدى الإنفاق العسكرى الهائل بسبب الحرب الباردة إلى نمو قطاع الصناعات الحربية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية مما أدى لتفوق أسهم أغلب شركات هذا القطاع على أسهم الكثير من الشركات في قطاعات صناعية أخرى، فالمستثمر الذي قام بتحليل هذا القطاع بشكل مبكر وتمكن من الكشف عن إمكانيات نموه وتوسعه وربحيته ووظف أموالاً فى أسهم شركاته حقق آنذاك عائداً استثمارياً ممتازاً. 

على العكس فى مرحلة التسعينات وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي تقلصت ميزانية الدفاع في أغلب الدول للحد من العجز في الميزانيات مما أدى لانخفاض أسهم هذا القطاع، فالمستثمر الذي استطاع التنبؤ بشكل مبكر بهذه التطورات السلبية والانسحاب في الوقت المناسب من هذا القطاع وبيع استثماراته فيه أنقذ نفسه من خسائر كبيرة ومؤكدة. 

نستخلص من ذلك أن التحليل الأساسى للقطاعات الصناعية المختلفة يمكن المستثمر من اختيار القطاعات التي يتوقع لها الازدهار والنمو والربحية في ظل التطورات الاقتصادية المنتظرة، بعد ذلك يستطيع المستثمر الانتقال إلى المرحلة التالية والتي تهدف إلى تحليل شركات هذه القطاعات المختارة للتعرف على الشركات الرائدة فيها. 

ج- تحليل الشركات 

يهدف تحليل الشركات بالدرجة الأولى لتحديد ربحيتها ومدى نموها وقوتها المالية وقدرتها على منافسة غيرها من الشركات فى القطاع عينة لاختيار الشركة الأولى فى كل قطاع والتى من المتوقع أن تتفوق من حيث نموها وربحيتها على قريناتها في هذا القطاع. 

دراسة أوضاع الشركة ومتابعة أحوالها باستمرار تمكن المستثمرين من التعرف وبشكل مبكر على أى متغيرات إيجابية أو سلبية قد تطرأ على أوضاع هذه الشركات فتؤثر على أسعار أسهمها. 

تصنيفات التحليل الأساسي بحسب نوع الأصل 

يختلف التحليل الأساسي باختلاف نوع الأصل الذي يتم تقييمه، ويمكن تقسيمه إلى عدة فئات رئيسية، أبرزها تحليل الأسهم والفوركس والسلع والسندات والعملات الرقمية، ويعتمد كل نوع على مجموعة من المؤشرات والبيانات التي توضح القيمة الحقيقية للأصل وتساعد على التنبؤ بأدائه المستقبلي. 

 

التحليل الأساسي للأسهم والمؤشرات

يعتمد التحليل الأساسي للأسهم على دراسة الوضع المالي للشركة بشكل مفصل من خلال فحص الميزانية العمومية وبيان الدخل والتدفقات النقدية، هذه البيانات تساعد المحللين على فهم المكانة الفعلية للشركة داخل قطاعها مقارنة بالمنافسين والاقتصاد العام. 

الهدف الرئيسي من هذا النوع من التحليل هو اكتشاف الأسهم التي تمتلك إمكانات نمو قوية بسعر عادل وذلك عبر تقييم عدة عناصر أساسية تشمل: 

  • القوائم المالية: تحليل المركز المالي للشركة وأدائها التاريخي من خلال الميزانية العمومية والأرباح والتدفقات النقدية. 
  • النسب المالية: دراسة مؤشرات التقييم، السيولة، الربحية، الكفاءة، والرافعة المالية لتكوين صورة دقيقة عن قوة الشركة. 
  • تحليل النمو: فحص مسار النمو التاريخي والتوقعات المستقبلية للنشاط التجاري. 
  • الوضع التنافسي: تقييم المزايا التنافسية، الحصة السوقية، ودرجة تفوق الشركة داخل القطاع. 
  • الإدارة: تحليل استراتيجية الإدارة ومدى كفاءتها وخبرتها في قيادة الشركة. 

بالنسبة للمؤشرات، فيتم التعامل معها بطريقة مشابهة للأسهم لأنها تتكون من مجموعة من الشركات ذات خصائص مالية متقاربة، ومع ذلك فإن مقارنة المؤشرات تكون دائماً بمؤشرات أخرى فقط، وليس بأسهم منفردة. 

التحليل الأساسي للفوركس 

يختلف التحليل الأساسي في سوق العملات الأجنبية لأنه يعتمد على دراسة التوازن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للدول، إذ يعتمد المتداول على فهم كيفية تأثير هذه العوامل على العرض والطلب على العملة وبالتالي على قيمتها في السوق، وهدفها الرئيسي يتمثل في معرفة ما إذا كان اقتصاد الدولة يشهد توسع أم انكماش.

التحليل الأساسي للسلع

يعتمد تحليل السلع على دراسة العرض والطلب بشكل أساسي، فالتغيرات في الإنتاج والمخزون العالمي والأحداث الجيوسياسية قد تؤثر بشكل مباشر في أسعار السلع مثل النفط والذهب، وتمتاز بعض السلع بتأثيرها القوي على فئات أصول أخرى، ما يجعل تحليلها ضروريًا لفهم حركة الأسواق ككل. 

التحليل الأساسي للعملات الرقمية

هذا النوع من التحليل بشكل ما معقد بسبب حداثة سوق العملات الرقمية، إذ يعتمد المستثمر على دراسة المشاريع من حيث التكنولوجيا، الاستخدام الحقيقي، والعرض المتداول. ويساعد التحليل الأساسي في هذا المجال على اكتشاف العملات أو المشاريع التي قد تكون مقومة بأقل من قيمتها رغم الضجة الإعلامية المحيطة ببعضها.  

مراحل التحليل الأساسي

  1. جمع البيانات والمعلومات الأساسية: سواء كانت تقارير مالية للشركات، أو مؤشرات اقتصادية للدول، أو بيانات عرض وطلب في سوق السلع. وتشمل هذه المرحلة قراءة التقارير، مراجعة الأخبار، وتحليل العوامل المؤثرة بشكل مباشر وغير مباشر في قيمة الأصل. 
  2. تحليل البيئة الاقتصادية أو القطاع: يتم في هذه المرحلة دراسة السياق العام الذي يعمل فيه الأصل سواء كان للأسهم، أزواج العملات، او السلع. 
  3. تحليل الأداء الداخلي للأصل: تركّز هذه المرحلة على دراسة الوضع الداخلي للأصل نفسه: 
  • تحليل القوائم المالية للشركات. 
  • تقييم المؤشرات الاقتصادية للدول. 
  • فهم العوامل الأساسية المؤثرة في سعر السلع. 

هذه المرحلة تهدف إلى تكوين صورة واضحة عن قوة الأصل واستقراره وقدرته على النمو. 

  1. تقدير القيمة الجوهرية للأصل: بعد جمع وتحليل البيانات، يتم حساب القيمة الحقيقية أو العادلة للأصل من خلال نماذج تقييم مختلفة. 
  2. مقارنة القيمة الجوهرية بالسعر الحالي: يتم مقارنة القيمة التي تم الوصول إليها مع سعر السوق. 

إذا كانت القيمة الجوهرية أعلى من السعر الحالي → الأصل مقوّم بأقل من قيمته وقد يشكل فرصة شراء. 

إذا كانت القيمة الجوهرية أقل من السعر الحالي → الأصل مبالغ في سعره وقد يكون البيع أو تجنب الشراء هو القرار الأنسب. 

  1. اتخاذ القرار الاستثماري: في هذه المرحلة يُحدد المستثمر أو المتداول قرار الشراء أو البيع أو الاحتفاظ، بناءً على الفجوة بين القيمة الجوهرية والسعر الحالي، إضافة إلى أفقه الزمني والاستراتيجية التي يتبعها. 
  2. المتابعة المستمرة وتحديث التحليل: لأن الأسواق متغيرة، يظل التحليل الأساسي عملية مستمرة. يجب متابعة البيانات الجديدة والأخبار والتقارير الاقتصادية لتعديل التوقعات واتخاذ قرارات جديدة وفقاً للظروف المتغيرة. 

التحليل الأساسي ليس مجرد خيار للمستثمر المحترف بل هو أساس قراءة السوق بشكل صحيح، فمن خلاله يمكنك معرفة القيمة الحقيقية للأصول، وتوقع الاتجاهات القادمة، واكتشاف الفرص قبل ظهورها على الرسم البياني، ومع دمج التحليل الأساسي والتحليل الفني، تصبح لديك رؤية متكاملة تساعدك على التداول بثقة أكبر وقرارات أكثر وعيًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.