Cannot fetch data from server.

هل يحدث انهيار الدولار الأمريكي حقًا؟ نظرة متعمّقة حول ما يجري

0 45

تشهد الأسواق العالمية حالة غير مسبوقة من الجدل حول انهيار الدولار الأمريكي بعد سلسلة من التراجعات القوية منذ بداية 2025، رغم التوقعات السابقة بانتعاشه مع سياسات ما بعد انتخابات ترامب، وبين تضخم الضغوط الاقتصادية وتباطؤ النمو وارتفاع عجز الموازنة، أصبح الدولار في مواجهة تحديات تهدد مكانته كأقوى عملة احتياطية في العالم، ورغم أن ما يحدث لا يُعد انهيارًا بالمعنى الحرفي، إلا أنه يمثل نقطة تحول مهمة في تاريخ الدولار ويطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبله وتأثيره على المواطنين والأسواق والمستثمرين عالميًا. في هذا التحليل من مدونة LDN سنأخذك في جولة شاملة لفهم أسباب تراجع الدولار وتداعياته والسيناريوهات المستقبلية وكيف يتعامل المتداولون بذكاء مع هذه المرحلة الدقيقة.

رحلة الدولار منذ انتخاب ترامب حتى اليوم 

في فترة ما بعد الانتخابات الأميركية 2024، كان هناك تفاؤل حيال قوة الدولار لا سيّما مع توقعات رفع أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الأمر الذي جعل الاستثمار بالدولار أكثر جاذبية، ومع ذلك لم تسر الأمور كما تمّ توقعها، إذ بدأت الضغوط الاقتصادية العالمية، وتباطؤ بعض مؤشرات النمو الأميركي، تؤثر على ثقة المستثمرين. 

  • إلى منتصف عام 2025 كان الدولار يحافظ على مكانته كعملة احتياطية رئيسية، لكن في النصف الأول من السنة شهد تراجعًا لافتًا، فقد انخفض مؤشر الدولار بنحو 10.7٪ مقارنة ببداية العام، وهو أسوأ أداء أول نصف سنة منذ أكثر من 50 عامًا. 
  • في بداية نوفمبر 2025، يُتداول المؤشر قرب مستوى 99.5 تقريبًا
  • لكن لننتقل إلى أحدث المعلومات: فمؤشر الدولار الأميركي الآن (US Dollar Index) يقارب مستوى 99.5-100، بعد أن كان أعلى من ذلك سابقًا. 

إذًا، الحديث عن انهيار الدولار الأمريكي يجب أن يُفهم في سياق ضعف نسبي أو ضغوط تواجهه وليس بالضرورة هبوط مطلق إلى الصفر. 

لماذا يُعتبر انهيار الدولار الأمريكي حدثاً غير معتاد؟ 

تاريخيًا يُنظر إلى الدولار كملاذ آمن وقت الأزمات الاقتصادية، أي أن ضعفًا كبيرًا فيه قد يشير إلى تراجع ثقة كبيرة في أهم عملة احتياطيّة، لذلك عندما يتراجع الدولار رغم أن الأصول المقومة به ما زالت جذّابة (مثل سندات الخزانة الأميركية)، فإن هذا يُعدّ إشارة متفاوتة في السوق. بعض المحللين وصفوا ما يحدث بأنه “أزمة ثقة” في مكانة الدولار. 

أسباب انهيار الدولار الأمريكي

يقول المحللون إن ضعف الدولار في 2025 كان مدفوعًا بعدة عوامل منها:

  1. تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي.
  2. عجز الموازنة المتزايد.
  3. عدم وضوح مسار السياسات النقدية.
  4. تحوّلات في تدفقات رأس المال العالمي. 

أيضًا، التراجع لم يكن موحّدًا أمام كل العملات: على سبيل المثال، الدولار تراجع بقوة أمام بعض عملات الأسواق الناشئة أو عملات السلع، لكن أمام اليوان الصيني أو الروبل الروسي كان التأثير متفاوتًا. 

ماذا يعني انهيار الدولار للمواطنين والأسواق؟ 

تتجلى آثار تراجع الدولار في عدة مجالات:

بالنسبة للأمريكيين يعني ذلك أن تكلفة السفر إلى الخارج ستصبح أعلى، حيث تشتري أموالهم أقل مما كانت تشتريه سابقًا.

بالمقابل، يستفيد السياح الأجانب من انخفاض الدولار إذ يصبح السفر إلى الولايات المتحدة أقل تكلفة بالنسبة لهم. 

للدول التي تستورد سلعًا مقومة بالدولار قد يكون الأمر مفيداً لأن تكلفة تلك السلع تصبح أقل بالنسبة لهم. 

للبلدان التي تعاني من ديون مقوّمة بالدولار ضعف الدولار قد يخفّف عبء السداد. 

على نطاق أوسع، تأثير الدولار يتعدى حدود الولايات المتحدة فهو العملة الاحتياطية الأولى في العالم، إذ تستخدمه البنوك المركزية في تعاملاتها الدولية وتسوية ديونها. 

ماذا لو استمر تراجع الدولار؟ 

تاريخيًا، كانت قوة الدولار مرتبطة بشكل مباشر بنفوذ الولايات المتحدة الاقتصادي والسياسي العالمي. استمرار ضعف الدولار يثير تساؤلات حول مستقبل مكانته كعملة احتياطية أولى، رغم أن خبراء الاقتصاد يستبعدون زوال هذا الدور في المدى القريب. 

التوقع المستقبلي للدولار أنه مع استمرار الضغوط التضخمية وضعف نمو الاقتصاد الأمريكي لا يُتوقع أن يستعيد الدولار كامل قوته في الأجل القصير إلا أن التحركات الكبيرة في سوق العملات قد تخلق فرصًا للمضاربة، مما قد يدفع الدولار للصعود مؤقتًا إذا ما قرر المستثمرون بيع العملات المنافسة مثل اليورو أو الين الياباني. 

تبقى الأسواق مترقبة لسياسات الاحتياطي الفيدرالي المقبلة، وللتحولات الجيوسياسية، خاصةً في ظل الأزمات العالمية الجارية، حيث ما زال الدولار رغم ضعفه النسبي يمثل ركيزة أساسية للنظام المالي العالمي. 

تسعير معظم السلع العالمية مثل النفط والغاز بالدولار، ومع ضعف الدولار تصبح هذه السلع أرخص نسبيًا للدول التي تتعامل بعملات أخرى، مما قد يخفف بعض الضغوط التضخمية عن الاقتصادات المستوردة للطاقة. 

العوامل المؤثرة في الدولار

  1. قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Federal Reserve) بشأن أسعار الفائدة، إذا قرر رفعها أو إبقائها مرتفعة فإن ذلك قد يدعم الدولار. 
  2. معدّلات التضخم والنمو الاقتصادي الأميركي، إذا نما الاقتصاد بقوة وارتفع التضخم فقد يتحفّز الدولار. 
  3. السياسات المالية الأميركية (العجز، الموازنة) وتدفقات رأس المال الدولي. 
  4. الأحداث الجيوسياسية وبيئة المخاطر، في فترات الأزمات الدولار غالباً ما يقوى كملاذ، لكن في 2025 مالت الأسواق نحو العملات الأخرى مما قلّل من هذا التأثير. 

توقعات سعر الدولار الأيام القادمة

بناءً على التحليلات بعض المؤسسات المتخصّصة توقّعت أن الدولار «ما زال أمامه المزيد من التراجع» على سبيل المثال، Morgan Stanley توقّعت أن ينخفض مؤشر الدولار إلى حوالي 91 خلال 12 شهراً مقبلة. 

لكن هناك سيناريو عكسي: إذا ظهرت بيانات قوية للنمو الأميركي أو تغيّرت النظرة حيال السياسات النقدية، فقد يرتدّ الدولار أو على الأقل يتماسك ويخضع لتصحيح. 

يبدو أن الدولار يستقر في نطاق حوالى 99-100 في مؤشر DXY، مع ميل للتذبذب العرضي أكثر من اتجاه صاعد واضح حتى ظهور ما يغيّر الديناميكية. 

ماذا يفعل المتداولون الأيام القادمة؟ 

  • مراقبة المؤشرات الاقتصادية الأميركية يأتي في أولوياتك: بيانات النمو (GDP)، بيانات سوق العمل، معدّلات التضخم، قرارات الاحتياطي الفيدرالي. 
  • تابع أزواج العملات الكبرى التي تتأثّر بحركة الدولار: EUR/USD، GBP/USD، USD/JPY، USD/CAD. مثلاً حديثاً، تم تسجيل ضغوط على زوج USD/CAD في سياق ضعف الدولار. 
  • كن مستعد لتغيّر سريع في الاتجاه: ضعف الدولار على مدى عدة أشهر قد يُقابل ارتداد إذا تغيّرت التوقعات، لذا تعيين وقف خسارة وإدارة المخاطر ضروري. 
  • لا تعتمد على كلمة «انهيار الدولار الأمريكي» كمصطلح مطلق، بل فكّر في «ضعف نسبي»، «تراجع كبير»، أو «تصحيح محتمل»، لأن التوصيف الدقيق مهم في اتخاذ قرارات المتداول. 
  • استفد من ضعف الدولار: إذا تتوقّع استمرار الهبوط، قد يكون الدخول على بيع الدولار أو شراء العملات المقابلة خياراً؛ وإذا تتوقّع ارتداداً، فقد يكون الاتجاه مع الدولار. 

 في النهاية انهيار الدولار الأمريكي ليس نهاية الدولار لكنه تحوّل مهم في قوة العملة، في 2025 مشهد الدولار يُظهر ضعفًا ملحوظًا بسبب تباطؤ النمو، ضغوط مالية وسياسات غير مستقرة.

أما السؤال هل يتوقع ارتفاع سعر الدولار؟ فالجواب: “نعم، لكنه ليس مضمونًا”، يعتمد على تغيرات في النمو، الفائدة والسياسات.

أما من جهة توقعات سعر الدولار الأيام القادمة، فالعملة تبدو في حالة استقرار نسبي حول مستوياتها الحالية مع احتمال تغيّر الاتجاه عند ظهور محفّزات كبيرة، والمتداول الذكي يتابع المؤشرات الدولية، يُدير المخاطر، ويتجنّب الاعتماد على مصطلحات مبسّطة دون تحليل عميق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.