في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي والتجاري، استمرت الأسواق الأميركية في تقلباتها الشديدة خلال الأسابيع الأخيرة، مع تزايد المخاوف من أن التعريفات الجمركية والإقالات الحكومية قد تؤدي إلى تراجع النمو في أكبر اقتصاد في العالم. هذا التراجع أدى إلى استمرار تأثيرات سلبية على المؤشرات الأميركية، حيث تعرضت أسواق الأسهم لضغوط كبيرة، مما دفع وول ستريت إلى تخفيف توقعاتها المتفائلة وزيادة الطلب على السندات السيادية كملاذ آمن.
تزامن هذا التراجع مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أشار إلى أن التحديات الاقتصادية والتجارية هي جزء من استراتيجية أكبر لتحقيق أهداف طويلة الأجل تتعلق بالرسوم الجمركية وتقليص حجم الحكومة. وعلى الرغم من المخاوف المتزايدة من الركود، لم يتراجع ترامب عن مساعيه في تعزيز سياسات تجارية متشددة.
وتجسد ذلك في تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بشكل ملحوظ، مع خسائر تجاوزت 450 نقطة، في ظل التوترات التجارية مع كندا وزيادة الرسوم الجمركية. كما شهد مؤشر إس آند بي 500 تراجعاً كبيراً من أعلى مستوياته، مقترباً من الدخول في مرحلة تصحيح بنسبة 8.6%، وهو ما دفع المحللين في وول ستريت إلى تحذير المستثمرين من استمرار التقلبات حتى وضوح رؤية السياسات التجارية الأميركية.
على صعيد القطاع التكنولوجي، تعرضت أسهم الشركات العملاقة مثل تسلا وإنفيديا ومايكروسوفت لخسائر كبيرة، مما أثر بشكل كبير على مؤشر ناسداك الذي سجل أسوأ يوم له منذ عام 2022. وفي هذا السياق، أشار المحللون إلى أن القلق من تباطؤ الاقتصاد العالمي سيستمر في التأثير على سوق الأسهم في الفترة القادمة.
ومع استمرار الانخفاضات، أصبح الكثير من المحللين يتوقعون أن التوترات التجارية قد تؤدي إلى ضرر اقتصادي في المدى القصير، مع زيادة الضغط على الأسواق. وقد حذر بعض الخبراء من أن تزايد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي وسوق العمل قد يعزز من حدة التقلبات في المستقبل. وبالرغم من هذه التحديات، يرى بعض المحللين أن السوق قد تقترب من القاع، وأن الانتعاش سيكون ممكناً في حال استقرار الوضع الاقتصادي ووضوح السياسات التجارية الأميركية.
وفي الوقت نفسه، يرى البعض أن التباطؤ الاقتصادي قد يؤدي إلى خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في المستقبل، مما قد يعزز من الطلب على الأصول الآمنة مثل السندات. ومع ذلك، يبقى الجميع في ترقب لما ستسفر عنه الأيام القادمة من حيث استقرار الأسواق أو تزايد المخاطر.