شهدت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً خلال الأسبوع الحالي مع تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات الروسية، بعد تكثيف أوكرانيا لهجماتها على المصافي ومنشآت التصدير، وفي مقدمتها ميناء “بريمورسك” الذي يعد منفذاً رئيسياً لصادرات موسكو. هذه التطورات تضع الأسواق أمام احتمالات نقص حاد في المعروض العالمي.
بالتوازي، تتجه أنظار المستثمرين إلى اجتماع الاحتياطي الفيدرالي يومي 16 و17 سبتمبر، حيث تترقب الأسواق خفضاً محتملاً في أسعار الفائدة. ورغم أن السياسة التيسيرية عادةً ما تعزز الطلب على الطاقة عبر خفض تكاليف الاقتراض، إلا أن بيانات الاستهلاك الأميركية الأخيرة أظهرت ضعفاً في الإنفاق، ما يزيد من الضبابية بشأن قوة الطلب الفعلي على النفط.
وحافظ خام برنت على تماسكه أعلى مستوى 67 دولاراً للبرميل، فيما استقر خام غرب تكساس حول 63 دولاراً. هذه المستويات تمثل نقاط ارتكاز مهمة، حيث إن كسرها سيحدد الاتجاه المقبل، إما بالعودة لمسار صاعد مدعوم بالعوامل الجيوسياسية أو الدخول في موجة تصحيحية إذا تغلبت المخاوف الاقتصادية.
من جانب آخر، تتوقع الأسواق انخفاضاً ملموساً في المخزونات الأميركية بنحو 6.4 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، مقارنة بزيادة 3.9 مليون برميل في الأسبوع السابق، وهو ما قد يمنح الأسعار دعماً إضافياً على المدى القصير.
وعلى صعيد هيكلي، حذرت وكالة الطاقة الدولية من تسارع التراجع الطبيعي في إنتاج الحقول، لا سيما في النفط الصخري والحقول البحرية العميقة. التقرير كشف أن توقف الاستثمارات قد يؤدي إلى فقدان 5.5 مليون برميل يومياً من النفط سنوياً، أي أكثر مما كان عليه الوضع في 2010، بينما ارتفع معدل التراجع في الغاز الطبيعي من 180 إلى 270 مليار متر مكعب سنوياً.
وتتباين معدلات التراجع باختلاف نوع الحقول؛ إذ لا تتجاوز الخسائر في الحقول العملاقة بالشرق الأوسط 2% سنوياً، بينما تصل في الحقول البحرية الصغيرة بأوروبا إلى أكثر من 15%. أما النفط الصخري، فيشهد تراجعاً يتجاوز 35% في السنة الأولى إذا غاب الاستثمار المستمر.
للحفاظ على استقرار الإمدادات حتى عام 2050، تحتاج الصناعة إلى إضافة أكثر من 45 مليون برميل يومياً من النفط ونحو 2000 مليار متر مكعب من الغاز، أي ما يعادل إنتاج أكبر ثلاثة منتجين في العالم مجتمعين. المشكلة لا تكمن فقط في حجم الاستثمارات الضخم المطلوب، بل أيضاً في طول دورة التطوير، إذ يستغرق أي مشروع ما يقارب عقدين من الزمن منذ منح الترخيص وحتى بدء الإنتاج الفعلي.
هذا الواقع يعكس معادلة معقدة أمام شركات الطاقة: استثمارات ضخمة طويلة الأمد من جهة، وضغوط متصاعدة للتحول نحو الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات من جهة أخرى. أي تباطؤ في ضخ الاستثمارات قد يهدد بتقلبات حادة في السوق وأزمات في أمن الطاقة العالمي.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.