يستعدّ بنك اليابان لاتخاذ خطوة محورية في سياسته النقدية، حيث تشير أغلب التوقعات إلى رفع الفائدة إلى 0.75% في اجتماع ديسمبر، ثم إلى 1% بحلول سبتمبر من العام المقبل. هذا التحوّل في الموقف يعكس تغيّرًا واضحًا في مزاج الاقتصاديين، بعدما ارتفعت نسبة من يتوقعون رفع الفائدة بشكل كبير مقارنة باستطلاعات سابقة، في إشارة إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد نهاية فعلية لحقبة السياسة شديدة التيسير.
مصادر مطلعة أبلغت رويترز أن البنك المركزي يستعد لتنفيذ أول زيادة في الفائدة منذ يناير، في خطوة يتوقع أن تتقبلها الحكومة رغم حساسيتها، خصوصًا في ظل استمرار ضعف الين وارتفاع الضغوط التضخمية. ويراهن بنك اليابان على أن بيانات الربع الأخير، وعلى رأسها مسح Tankan ومؤشرات مفاوضات الأجور المبكرة، ستوفر الأساس لاتخاذ القرار دون تأخير إضافي.
وتُظهر نتائج استطلاع رويترز الأخير أن 90% من الاقتصاديين يرجّحون رفع الفائدة في اجتماع ديسمبر، بينما يرى ثلثا المشاركين تقريباً أن المستوى سيصل إلى 1% قبل نهاية سبتمبر. وعلى المدى البعيد، بقيت التوقعات مستقرة عند 1% بنهاية 2026، وسط تقديرات محدودة تُرجّح إمكانية بلوغ 1.25% إذا استمر تحسّن الأجور والنشاط الاقتصادي.
الضغوط في سوق السندات اليابانية ازدادت حدة بعد إعلان الحكومة نيتها تمويل الجزء الأكبر من الميزانية التكميلية عبر إصدار دين جديد، ما دفع عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوى له منذ 18 عامًا. هذا التطور يعكس حساسية السوق لأي تلميحات تتعلق بالسياسة المالية، ويضع البنك المركزي أمام واقع يتطلب معالجة مزدوجة لمعادلة التضخم والنمو.
أما على صعيد الأجور، فيبدو أن التفاؤل يتراجع تدريجياً؛ فمعظم الاقتصاديين لا يتوقعون أن تتجاوز زيادة الرواتب في العام المقبل مستوى 5.25% المسجل هذا العام، مع ميل الشركات للتريّث بفعل ضبابية المشهد العالمي وتراجع زخم الأسعار محليًا. ورغم استمرار نقص العمالة الذي يدعم الأجور على المدى المتوسط، إلا أن الضغوط الخارجية مثل الرسوم الجمركية الأميركية وتوتر العلاقات بين طوكيو وبكين تجعل الشركات أكثر حذرًا في التزاماتها.
ورغم أن المحافظ كازو أويدا وصف وتيرة الارتفاع الأخير بأنها “سريعة إلى حد ما”، فإنه شدد على أن أي تدخل سيكون محصورًا في حالات استثنائية فقط. مصادر مطلعة داخل البنك أوضحت أن صناع القرار غير متحمسين لزيادة مشتريات السندات أو القيام بعمليات طارئة، لأن مثل هذه الخطوات قد تعطي انطباعًا معاكسًا لمسار التطبيع الذي يعمل عليه البنك منذ العام الماضي.
وترى هذه المصادر أن الارتفاع الحالي في العوائد يرتبط بعوامل منطقية، أهمها حالة الترقب بين المستثمرين بشأن مدى رفع الفائدة خلال العام المقبل، إضافة إلى المخاوف من حجم إصدارات السندات المتوقعة لتمويل الميزانية التوسعية للحكومة. لذلك لا يعتبر بنك اليابان هذا الارتفاع مضطربًا أو منفصلًا عن الأساسيات الاقتصادية، وهو ما يقلل احتمالات التدخل في الوقت الراهن.
ويقترب العائد من مستوى 2% النفسي، وهو مستوى لم يتم تجاوزه منذ ما يقارب العقدين، إلا أن البنك لا يركز على الأرقام بحد ذاتها، بل على أسباب التحركات. أي تدخل في هذا التوقيت قد يعطي إشارة خاطئة للأسواق بأن البنك مستعد للدفاع عن مستويات معينة، وهو ما يتعارض مع محاولاته منح السوق دورًا أكبر في تسعير السندات.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.




