Cannot fetch data from server.

النفط يتراجع بفعل تهدئة جيوسياسية مؤقتة

0 1

افتتحت أسواق النفط تداولات الأسبوع على تراجع ملموس، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي منح روسيا مهلة خمسين يومًا لإنهاء الحرب في أوكرانيا قبل اتخاذ إجراءات عقابية إضافية. هذا التوجه خفف من حدة المخاوف بشأن اضطراب مفاجئ في الإمدادات العالمية، وهو ما انعكس مباشرة على حركة الأسعار، حيث هبط خام برنت بنسبة 0.8%، بينما فقد خام غرب تكساس نحو 0.9%. ورغم هذا التراجع، لا تزال الأسواق تتعامل بحذر، مع إدراك أن هذه المهلة قد تكون مؤقتة، وأن التصعيد يبقى واردًا في أي لحظة، ما يجعل المستثمرين في حالة ترقّب لأي تطورات ميدانية أو سياسية قد تعيد المخاطر إلى الواجهة.

التلويح الأميركي بفرض عقوبات ثانوية على الدول التي تستمر في شراء النفط الروسي وأبرزها الصين، الهند، وتركيا أعاد تسليط الضوء على هشاشة سلاسل الإمداد العالمية. في حال تنفيذ هذه العقوبات فعليًا، فإن ذلك سيُحدث اختلالًا في ميزان المعروض، نظرًا لصعوبة تعويض صادرات روسيا البالغة أكثر من 7 ملايين برميل يوميًا، حتى مع الاستفادة القصوى من الطاقة الفائضة لدى أوبك+. مع ذلك، لا تستبعد الأسواق أن يتراجع ترامب عن تنفيذ هذا التهديد بالكامل، خصوصًا في ظل رغبته في إبقاء أسعار الطاقة منخفضة محليًا، في فترة تشهد استعدادات انتخابية في الولايات المتحدة.

أظهرت البيانات الصادرة عن الصين أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من عام 2025 حقق نموًا بنسبة 5.2% على أساس سنوي، متجاوزًا التوقعات بقليل. ومع ذلك، فإن هذا التحسن لا يعكس نموًا داخليًا حقيقيًا، بل كان مدفوعًا جزئيًا بتوسّع الصادرات وتدابير تحفيزية حكومية. وضعف مبيعات التجزئة واستمرار تراجع ثقة المستهلك يعكسان تباطؤ الطلب الداخلي، ما يشكّل عامل ضغط على توقعات استهلاك الطاقة والمعادن، ويجعل السوق أكثر حساسية لأي إشارات سلبية جديدة من بكين خلال النصف الثاني من العام.

بالتوازي مع الملف الروسي، صعدت التوترات التجارية بين واشنطن وعدد من الشركاء الرئيسيين، بعد إعلان ترامب فرض رسوم جمركية تصل إلى 30% على واردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك بدءًا من أغسطس. رد بروكسل كان سريعًا بإعداد قائمة انتقامية تطال سلعًا أميركية بقيمة 84 مليار دولار. هذا التصعيد التجاري يهدد النشاط الصناعي العالمي ويزيد احتمالية تباطؤ في الطلب الفعلي على النفط، خاصة مع اتساع رقعة النزاع لتشمل دولًا أخرى مثل اليابان وكندا والبرازيل.

في ظل هذه المعطيات المعقدة، قام بنك غولدمان ساكس برفع توقعاته لأسعار النفط في النصف الثاني من 2025، معززًا رؤيته بنقص في المخزونات لدى الاقتصادات المتقدمة، إضافة إلى استمرار قيود الإنتاج الروسي. التقديرات المحدثة وضعت خام برنت عند 66 دولارًا، وخام غرب تكساس عند 63 دولارًا. ورغم ذلك، حافظ البنك على نظرته الحذرة لعام 2026، متوقعًا متوسط سعر يبلغ 56 دولارًا لبرنت، و52 دولارًا لغرب تكساس، مع فائض إنتاجي متوقع يصل إلى 1.7 مليون برميل يوميًا.

دّم غولدمان ساكس مجموعة من السيناريوهات التي تعكس مدى تعقيد المشهد المستقبلي لسوق النفط. في حال حدوث تراجع كبير في صادرات إيران، قد يشهد خام برنت ارتفاعًا يصل إلى مستويات تقترب من 90 دولارًا للبرميل، مدفوعًا بزيادة المخاطر الجيوسياسية وضعف الإمدادات. في المقابل، إذا اتجهت دول كبرى مثل الصين إلى تكثيف عمليات تخزين النفط الخام لأغراض استراتيجية، فقد يؤدي ذلك إلى تخفيف الضغوط السعرية، مع استقرار الأسعار قرب 60 دولارًا في عام 2026.

أما السيناريو الأكثر تشاؤمًا، فيتمثل في تفكيك شامل لتخفيضات إنتاج “أوبك+”، بالتزامن مع ركود اقتصادي عالمي، وهو ما قد يدفع بأسعار النفط إلى الهبوط الحاد نحو مستوى 40 دولارًا للبرميل. وبالرغم من هذا التباين في الاحتمالات، يتمسك البنك برؤيته المتفائلة للمرحلة التي تلي عام 2026، معتمدًا على استمرار تراجع الاستثمارات في مشاريع الطاقة التقليدية خارج نطاق “أوبك”، وغياب طاقات إنتاجية بديلة قادرة على سد الفجوة المتوقعة في الطلب العالمي المتنامي.

كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.  

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.