شهدت وول ستريت موجة تقلبات واضحة بعد دخول مجموعة جديدة من الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، أبرزها رفع الرسوم على الواردات الصينية إلى 104%. هذه القرارات رفعت من حدة التوتر التجاري عالميًا، وأثرت بشكل مباشر على ثقة المستثمرين، حيث تراجع مؤشر S&P 500 وأغلق دون حاجز 5,000 نقطة لأول مرة منذ قرابة عام، في إشارة إلى قلق عام من استمرار التصعيد دون حلول قريبة.
العقود الآجلة للمؤشرات الأمريكية بدأت الجلسة على استقرار نسبي، وكانت التوقعات تشير إلى احتمال عودة التفاوض بين واشنطن وشركائها ولكن تراجعت سريعًا بعد تصريحات من البيت الأبيض التي تؤكد المضي قدمًا في فرض الرسوم.
وترقب المستثمرون نتائج شركات مثل Delta Air Lines وConstellation Brands لتقييم مدى تأثر الطلب في ظل الظروف الحالية. دلتا سبق أن خفضت توقعاتها لأرباح الربع الأول، في حين يُنتظر من Constellation تقديم مؤشرات عن سلوك المستهلك في قطاع الأغذية والمشروبات. حيث أظهرت البيانات الأخيرة تراجع ثقة المستهلك وارتفاع توقعات التضخم.
وعلي صعيد النفط، تراجعت أسعار النفط بشكل حاد، لتسجل أدنى مستوياتها منذ أكثر من 4 سنوات، متأثرة بتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين. حيث تراجع خام برنت إلى نحو 61 دولارًا، بينما انخفض خام غرب تكساس إلى أقل من 56.50 دولارًا. هذه التراجعات جاءت نتيجة مخاوف من تباطؤ النمو العالمي، مما يضع ضغطًا إضافيًا على أسواق الطاقة والاقتصاد الكلي خلال الفترة المقبلة.
ويرى محللو بنك “جولدمان ساكس” أن الأسواق الأمريكية لا تعكس حتى الآن حجم الخطر الحقيقي المتمثل في دخول الاقتصاد في ركود، رغم التراجعات القوية التي شهدتها المؤشرات بعد الإعلان عن الرسوم الجمركية الجديدة على الصين. حيث تراجعت توقعات النمو الاقتصادي بشكل حاد بما يعادل 1.3% خلال يومين فقط، وهو هبوط يُقارن بصدمات اقتصادية كبرى مثل أزمة 2008 وجائحة كورونا، لكن اللافت أن معظم مؤشرات السوق لا تزال تتحرك بعيدًا عن مستويات الركود، باستثناء مؤشر التقلبات اللحظية (VIX).
ويشير التقرير إلى أن استمرار هذه السياسة التجارية المتشددة قد يدفع الأسواق لتسعير سيناريو الركود الكامل خلال الفترة القادمة، مما قد ينعكس في شكل انخفاضات إضافية في الأسهم، واتساع في فروقات الائتمان، وزيادة احتمالات خفض الفائدة من جانب الفيدرالي.