تحذيرات الفيدرالي الأمريكي: الاقتصاد يواجه تباطؤاً متوقعاً ومخاوف من تصاعد التضخم بفعل الرسوم الجمركية
تشهد الولايات المتحدة الأمريكية مرحلة اقتصادية دقيقة، مع تزايد التحذيرات من احتمال تباطؤ النمو وتزايد الضغوط التضخمية في ظل قرارات محتملة تتعلق بالسياسات التجارية، وعلى رأسها الرسوم الجمركية. وفي هذا السياق، أطلق ألبرتو موسالم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، تصريحات واضحة حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي، مشيراً إلى أن المرحلة القادمة قد تكون محفوفة بالتحديات أكثر مما تشير إليه التقديرات الحالية.
تباطؤ النمو الاقتصادي.. إشارات واضحة
بحسب موسالم، فإن التوقعات الحالية تشير إلى أن الأداء الاقتصادي الأمريكي خلال العام 2025 سيكون أقل من المتوسط، وهو ما يعكس وجود ضغوط حقيقية على وتيرة النمو. ويأتي ذلك بعد تباطؤ ملحوظ في نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من عام 2024، حيث سجل الاقتصاد نمواً بنسبة 2.3% فقط، انخفاضاً من 3.1% في الربع الذي سبقه. ويعزو الخبراء هذا التراجع إلى تراجع استهلاك الأفراد، وارتفاع تكلفة الاستيراد، إضافة إلى تباطؤ قطاع الصناعة.
الرسوم الجمركية: خطر مزدوج على النمو والتضخم
موسالم لم يخفِ قلقه من إمكانية فرض رسوم جمركية جديدة على بعض السلع المستوردة، مشيراً إلى أن هذا التوجه قد يضيف ضغوطاً تضخمية يصعب التحكم بها. فالرسوم الجمركية، بحسب موسالم، ليست مجرد إجراء تجاري بل قد تتحول إلى أداة تضخمية تدفع الأسعار نحو الارتفاع، ما يُعقّد من مهمة الفيدرالي في خفض معدلات التضخم إلى النطاق المستهدف.
وقد أشار رئيس الفيدرالي جيروم باول أيضاً إلى أن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم قد يظهر خلال الأشهر القادمة، مما قد يؤدي إلى تأخير التعافي واستقرار الأسعار. ويأتي ذلك في ظل ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية منذ بداية عام 2025، ما يضع ضغوطاً إضافية على المستهلكين والشركات على حد سواء.
ركود تضخمي يلوح في الأفق
من بين السيناريوهات المقلقة التي تحدث عنها موسالم، هو ظهور مزيج غير مريح من ضعف النمو وارتفاع التضخم، وهو ما يُعرف بالركود التضخمي. ويعني هذا أن السياسة النقدية ستجد نفسها أمام معضلة: هل تواصل تشديد السياسة للسيطرة على التضخم، أم تخفف من إجراءاتها لدعم النمو؟
وقد بدأ الفيدرالي بالفعل في مراجعة توقعاته، حيث رفع تقديراته للتضخم الأساسي إلى 2.8% بنهاية 2025، بينما خفض توقعاته لنمو الاقتصاد إلى 1.7%، مما يعكس تغيراً في النظرة تجاه قدرة الاقتصاد على الصمود في وجه الأزمات القادمة.
خلافات داخل الاحتياطي الفيدرالي
ما يثير الاهتمام هو إشارة موسالم إلى وجود تباين داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي نفسه، حيث تختلف وجهات النظر بشأن تقييم الوضع الاقتصادي المستقبلي. وأشار إلى أن بعض التقديرات الرسمية قد لا تعكس الصورة الحقيقية للواقع، داعياً إلى تبني نهج أكثر واقعية يأخذ بعين الاعتبار التعقيدات المستجدة في الأسواق العالمية، والتغيرات في السياسات التجارية.
هذه الانقسامات في الرؤية تشير إلى صعوبة اتخاذ قرارات واضحة في الوقت الحالي، وتؤكد أن الطريق نحو استقرار اقتصادي مستدام سيكون طويلاً ومعقداً.
السياسات النقدية: الترقب سيد الموقف
حتى الآن، اختار الفيدرالي تثبيت أسعار الفائدة، مع تأكيده على مرونة موقفه تجاه المستقبل، حيث لا يستبعد العودة إلى رفع الفائدة في حال تسارع التضخم مجدداً، أو الاتجاه لخفضها إذا استمرت مؤشرات النمو في التدهور. إلا أن حالة “عدم اليقين” التي تحيط بتأثير الرسوم الجمركية ومدى انعكاسها على السوق تجعل أي تحرك حاسم محفوفاً بالمخاطر.
يبدو أن الاقتصاد الأمريكي مقبل على مرحلة حرجة خلال عام 2025، حيث تتقاطع عوامل متعددة مثل تباطؤ النمو، تصاعد التضخم، والضبابية المحيطة بالسياسات التجارية. وفي ظل هذه المعطيات، ستبقى أنظار المستثمرين والمراقبين موجهة إلى قرارات الفيدرالي الأمريكي، والتي ستحدد بوصلة الاقتصاد خلال الأشهر القادمة. ما هو واضح حتى الآن هو أن الطريق لن يكون سهلاً، وأن الحذر سيكون العنوان الأبرز في السياسات المالية والنقدية القادمة.
يمكنك الأن الأستفادة من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.