في ظل تباطؤ النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو، أظهرت بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي الأوروبي أن توقعات المستهلكين للتضخم ارتفعت خلال شهر أبريل إلى 3.1%، مقارنة بـ2.9% في مارس. ويُعتبر هذا المؤشر من العوامل الأساسية التي يُراقبها المركزي الأوروبي لتقييم مدى استقرار الأسعار، إلا أن هذا الارتفاع الطفيف لا يبدو كافيًا لتغيير المسار المتوقع للسياسة النقدية في المدى القريب.
وتشير أغلب التقديرات إلى أن المركزي الأوروبي سيتجه إلى خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل، استمرارًا لسياسة التيسير النقدي التي انطلقت منذ يونيو الماضي، حيث خُفّضت أسعار الفائدة بمجموع 225 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة على الإيداع إلى 2.25%. ويأتي هذا النهج في ظل ضعف وتيرة النمو، وانخفاض أسعار الطاقة، وتراجع نمو الأجور، وهي عوامل تقلل من الضغوط التضخمية.
على الجانب الآخر من الأطلسي، اتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي موقفًا أكثر حذرًا، إذ أظهرت محاضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 7 مايو، أن مسؤولي الفيدرالي لا يرون مبررًا قريبًا لتعديل أسعار الفائدة، مفضلين التريث في ضوء الغموض الذي تسببه السياسات التجارية المتقلبة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقد تصاعدت حدة هذا الغموض مؤخرًا، بعدما أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من 1 يونيو، قبل أن يتراجع عن القرار بعد يومين ويؤجل تطبيقه إلى 9 يوليو. هذا التخبّط في القرارات التجارية يُعقّد من مهمة صناع القرار في أوروبا عند وضع تقديرات دقيقة للنمو والتضخم.
ورغم التصعيد، ظهرت مؤشرات على تهدئة في العلاقات التجارية بين واشنطن وبروكسل، إذ وافق الاتحاد الأوروبي على تسريع وتيرة المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة لتفادي مواجهة تجارية شاملة. وقد رحّب ترامب بهذا التوجه، وعلّق عبر منصة “تروث سوشيال” قائلاً إن الاتحاد الأوروبي تواصل لعقد اجتماعات عاجلة، معربًا عن أمله في التوصل إلى اتفاق قريب.
في سياق متصل، صرّح كلاس نوت، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي ورئيس البنك المركزي الهولندي، أن التوقعات التضخمية الحالية في منطقة اليورو تبدو “قاتمة”، مضيفًا أن آفاق التضخم على المدى المتوسط لا تزال غامضة، مما يستدعي تحركات مدروسة من جانب السياسة النقدية الأوروبية.
على صعيد الأسواق، شهد اليورو تراجعًا أمام الدولار الأمريكي، مدفوعًا بتحسّن أداء العملة الأمريكية بعد أن قضت محكمة اتحادية في نيويورك بعدم دستورية قرار ترامب بفرض رسوم جديدة تحت ما يُعرف بـ”تعريفات يوم التحرير”، معتبرة أن القرار يتجاوز صلاحيات الرئيس.
وتعزز هذا التوجه الحذر من جانب الاحتياطي الفيدرالي، حيث أشار محضر اجتماعه الأخير إلى أن استمرار حالة عدم اليقين يبرر الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في المستقبل القريب، في وقت لا تزال فيه التوقعات الاقتصادية الأمريكية عرضة للتقلبات.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.