شهد الدولار الأميركي ارتفاعًا لافتًا عقب الإعلان عن اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي تضمن فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على واردات أوروبية مقابل استثمارات أوروبية ضخمة داخل الولايات المتحدة. هذا التطور عزز من ثقة المستثمرين في العملة الأميركية، خصوصًا مع ترقب الأسواق لاجتماع الاحتياطي الفيدرالي وتزايد التوقعات بأن البنك المركزي قد يواصل سياسته النقدية المتشددة.
في المقابل، تعرض اليورو لضغوط حادة، وسجل تراجعًا قوياً على خلفية شكوك حول مدى استفادة الاتحاد الأوروبي من الاتفاق. تصريحات بعض المسؤولين الأوروبيين والتي اتسمت بنبرة تشاؤمية زادت من الضغط على العملة الموحدة، لا سيما بعد كسر مستويات دعم فنية مهمة، مما يفتح المجال لمزيد من التراجع ما لم تظهر محفزات إيجابية جديدة.
المستثمرون يترقبون مجموعة من البيانات الاقتصادية الهامة هذا الأسبوع، أبرزها تقرير فرص العمل (JOLTS) ومؤشر ثقة المستهلك، يليها تقرير الوظائف يوم الجمعة. هذه الأرقام ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الدولار، حيث إن أي نتائج قوية ستدعم استمرار الاتجاه الصاعد. في الوقت ذاته، لا يُتوقع أن يقدم الفيدرالي على أي خطوة مفاجئة بخصوص الفائدة، ولكن تركيز السوق ينصب على نبرة البيان وتوجهات السياسة النقدية القادمة.
في آسيا، أظهرت العملات أداءً متباينًا، حيث واصل الوون الكوري تراجعه، بينما ظل الدولار الأسترالي تحت الضغط وسط ضعف شهية المخاطرة. الدولار السنغافوري حقق مكاسب طفيفة، فيما بقي اليوان الصيني مستقرًا، في ظل استئناف المحادثات الأميركية الصينية دون تقدم ملموس.
رغم المكاسب الأخيرة، يرى محللون أن الزخم الإيجابي للدولار قد يتراجع قريبًا. “بنك أوف أمريكا” أشار إلى أن زوج الدولار الأسترالي مقابل الدولار الأميركي (AUD/USD) يُظهر إشارات واضحة على استمرار الاتجاه الصاعد، خاصة إذا جاءت بيانات الوظائف الأميركية أقل من التوقعات. أي مفاجآت سلبية في الأرقام قد تعزز التوقعات بخفض الفائدة، مما يفتح الباب أمام تراجع الدولار في الأجل القصير.
ومع ذلك، لا يبدو أن هناك بوادر لانعكاس شامل في الاتجاه. الأساسيات الاقتصادية الأميركية – من نمو وتوظيف – لا تزال داعمة نسبياً، ما يجعل الهبوط المحتمل أقرب إلى “تصحيح محدود” وليس بداية لموجة هبوط واسعة النطاق. الرهان الأكبر سيبقى على موقف الفيدرالي وليس على الاتفاقيات التجارية
أكدت وكالة “فيتش” للتصنيفات الائتمانية أن الزيادة الأخيرة في الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات الأوروبية، من 1.2% إلى 15%، لن تؤدي بشكل مباشر إلى خفض التصنيفات السيادية لدول الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، نبّهت الوكالة إلى أن هذه الخطوة قد تزيد من الضغوط الائتمانية على بعض الاقتصادات التي تعاني أصلاً من نقاط ضعف هيكلية.
أوضح إد باركر، أحد كبار المحللين لدى فيتش، أن الرسوم الجديدة كانت ضمن سيناريوهات مدروسة مسبقاً، وبالتالي لا تمثل صدمة للاقتصاد أو للتصنيفات. لكن بالمجمل، فإن تقييم الجدارة الائتمانية للدول لا يعتمد فقط على العوامل التجارية، بل على مجموعة أوسع تشمل الدين العام، الحساب الجاري، والسياسات المالية، ما يجعل الرسوم عاملاً مساهمًا وليس حاسمًا.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.