افتتح النفط تداولات الأسبوع على ارتفاعات محدودة، إذ صعد خام برنت إلى حوالي 67.13 دولارًا للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط 63.15 دولارًا لعقد أكتوبر و62.83 دولارًا لعقد نوفمبر. هذا الأداء يعكس استجابة فورية من المتعاملين للأحداث الجيوسياسية الأخيرة، لكنه في الوقت نفسه يوضح أن نطاق المكاسب ما زال محصورًا نتيجة التوازن بين عوامل الدعم والضغط التي تتحكم في حركة الأسعار.
التوترات الجيوسياسية في أوروبا عادت لتتصدر المشهد بعد الغارات الروسية قرب الحدود البولندية والانتهاكات المتكررة لأجواء دول الناتو، ما أعاد المخاوف بشأن أمن الطاقة الأوروبي إلى الواجهة. وفي الشرق الأوسط، زادت حالة الغموض بعد اعتراف بعض الدول الغربية بدولة فلسطينية، وهو ما ألقى بظلال إضافية على استقرار واحدة من أهم مناطق إنتاج الطاقة في العالم. هذه التطورات رفعت مستويات القلق وأبقت الأسواق في حالة ترقب دائم لأي تصعيد محتمل.
ورغم هذه الضغوط السياسية، ما زال جانب المعروض يمثل العامل الأكثر تأثيرًا على حركة الأسعار في المدى القصير. العراق أعلن عن زيادة صادراته النفطية لتتجاوز 3.4 مليون برميل يوميًا خلال سبتمبر، وهو ما يؤكد عودة تدريجية للإنتاج بعد تخفيضات أوبك+. في الوقت ذاته، أظهرت بيانات المخزونات العالمية تراكمًا ملحوظًا على مدى الأشهر الأخيرة، وهو ما يعكس أن وتيرة المعروض ما زالت أعلى من الطلب، الأمر الذي يضع سقفًا على قدرة الأسعار على الصعود القوي ويحد من الزخم الشرائي.
وعلى صعيد العقوبات، كشف الاتحاد الأوروبي عن الحزمة الـ19 من القيود ضد روسيا، مستهدفًا شركات تكرير وبتروكيماويات ومتداولين في دول ثالثة، بينها الصين، متهمة بالتحايل على القيود المفروضة على صادرات الطاقة الروسية. كما تضمّن المقترح إدراج 118 سفينة من “الأسطول الظلّي” الروسي، إضافة إلى تقديم موعد الحظر على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي ليبدأ مطلع عام 2027، بدعم وضغط مباشر من الولايات المتحدة. هذه الخطوات تضيف مزيدًا من الضغوط السياسية على صادرات موسكو وتشدد القيود على حركة تجارتها الطاقوية.
في المقابل، كثفت أوكرانيا ضرباتها ضد البنية التحتية الروسية، مستهدفة مصافي ساراتوف ونوفوكويبيشيفسك، ما أدى إلى انفجارات وحرائق واسعة. هاتان المصفاتان تعالجان أكثر من 15 مليون طن سنويًا من النفط الخام، وتعطيلهما حتى وإن كان مؤقتًا يشكل تهديدًا مباشرًا لصادرات روسيا من الخام والمنتجات البترولية. الأسواق اعتبرت هذه الهجمات عامل دعم إضافي للأسعار، إذ تؤدي إلى تضييق هوامش الإمداد العالمية وترفع منسوب المخاطر على سلاسل التوريد.
وفي ضوء هذه التطورات، يجد النفط نفسه بين قوتين متناقضتين: ضغوط وفرة المعروض وتراكم المخزونات من جهة، والتوترات الجيوسياسية والعقوبات الغربية والهجمات الأوكرانية من جهة أخرى. فنيًا، المستويات الحالية عند 62 دولارًا لخام غرب تكساس و66 دولارًا لبرنت تمثل نقاط دعم قوية، بينما تظل منطقة 68 – 70 دولارًا نطاق مقاومة مرجحًا في المدى القصير. استمرار أي اضطرابات في الإمداد أو تصعيد سياسي قد يفتح الباب أمام اختبار مستويات سعرية أعلى، في حين أن استمرار تدفق المعروض بنفس الوتيرة قد يُبقي الأسعار تحت ضغط.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.