افتتحت الأسواق الأميركية تعاملات الأسبوع على صعود ملحوظ في العقود الآجلة لمؤشرات S&P 500 وناسداك، مدعومة باتفاق تجاري مفاجئ بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتزايد التوقعات بتمديد الهدنة الجمركية مع الصين. هذه العوامل خففت من وطأة المخاوف التي سيطرت على الأسواق في الأسابيع الماضية، ما منح المستثمرين بعض الثقة لمواصلة الشراء في الأسهم، لا سيما بعد إغلاق الأسبوع السابق عند مستويات تاريخية.
الاتفاق الأميركي – الأوروبي نص على فرض تعرفة جمركية بنسبة 15% فقط على السلع الأوروبية، وهو ما يُعد تراجعًا ملحوظًا مقارنة بالـ30% التي كانت مقررة بداية الشهر المقبل. في المقابل، التزمت بروكسل بضخ استثمارات تقدر بـ600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي، إلى جانب زيادة وارداتها من الطاقة والمعدات العسكرية الأميركية. هذا الاتفاق يُعد امتدادًا لاتفاق مماثل تم توقيعه مع اليابان الأسبوع الماضي، بقيمة 550 مليار دولار، وفرض تعرفة مماثلة على واردات السيارات اليابانية.
على صعيد العلاقة مع بكين، انطلقت جولة ثالثة من المفاوضات التجارية في السويد، بتركيز على القضايا الهيكلية طويلة الأمد، مثل نقل التكنولوجيا والفائض الصناعي الصيني. وتشير التسريبات إلى أن الطرفين بصدد تمديد الهدنة الجمركية لمدة 90 يومًا إضافية، وهو ما يُفسح المجال أمام مواصلة النقاش دون تصعيد فوري. هذا التمديد، وإن كان مرحليًا، إلا أنه يمنح الأسواق فرصة لالتقاط الأنفاس وسط خضم تقلبات الاقتصاد الكلي.
الأسواق ستكون أيضًا على موعد مع مجموعة مؤثرة من البيانات الاقتصادية هذا الأسبوع، تتصدرها أرقام نمو الناتج المحلي الأميركي للربع الثاني، ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (PCE)، وهو المقياس المفضل للفيدرالي لتقييم التضخم. إذا أظهرت هذه البيانات تماسكًا في الأداء الاقتصادي وارتفاعًا في الضغوط التضخمية، فإن الفيدرالي قد يتمسك بموقفه الحذر تجاه خفض الفائدة، وهو ما سينعكس مباشرة على أداء الأصول عالية المخاطرة والعملات الرئيسية.
تزامنًا مع هذه التطورات، ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.4% ليسجل 97.815، مدعومًا بتهدئة التوترات التجارية وتراجع احتمالات خفض الفائدة في اجتماع الفيدرالي المرتقب. فنيًا، الحفاظ على مستويات دعم 97.50 يدعم احتمالات استهداف 98.20 خلال الجلسات المقبلة، خاصة إذا جاءت بيانات النمو والتضخم إيجابية. ورغم هذا الارتفاع، يظل المؤشر في مسار أسبوعي هابط هو الأضعف منذ نحو شهر، مما يعكس استمرار الضغوط الهيكلية على العملة الأميركية.
أما اليورو، فقد تراجع إلى 1.1688 مقابل الدولار، مبتعدًا عن أعلى مستوى له منذ أربع سنوات. الأسباب تتعلق بغياب محفزات أوروبية قوية، بالإضافة إلى كلفة تمويل مرتفعة نسبيًا مقابل الدولار (2% سنويًا). فنيًا، كسر مستوى 1.1700 يُنذر باحتمال الهبوط إلى 1.1600، خاصة إذا ما ثبت أن الفيدرالي غير مستعد لخفض الفائدة هذا الأسبوع، كما ترجح معظم التقديرات.
الجنيه الإسترليني تراجع إلى 1.3409، متأثرًا بمخاوف تتعلق بالركود الاقتصادي وارتفاع مرتقب في الضرائب خلال الخريف المقبل. هذه الضغوط تجعل العملة البريطانية عرضة لكسر مستوى دعم 1.3370، وهو ما قد يفتح المجال لمزيد من الخسائر نحو 1.3150، خاصة إذا ما جاءت بيانات الفيدرالي داعمة للدولار. في المقابل، الين الياباني سجل تراجعًا بنسبة 0.4% إلى 148.25 أمام الدولار، رغم تحسن نسبي في العلاقات التجارية بين طوكيو وواشنطن.
الأسواق اليابانية تواجه ضبابية سياسية داخلية، بعد خسارة التحالف الحاكم في انتخابات مجلس الشيوخ، إلى جانب تكهنات باستقالة محتملة لرئيس الوزراء. هذه الأجواء تؤثر على توجهات المستثمرين، رغم توقعات بأن يبقي بنك اليابان على سياسته النقدية دون تغيير هذا الخميس. من ناحية أخرى، تخلى الدولار الأسترالي عن مكاسبه الأخيرة وهبط إلى 0.6521، بينما استمر الضغط على اليوان الصيني، الذي ارتفع الدولار أمامه إلى 7.1738، وسط إشارات على تباطؤ داخلي في الاقتصاد الصيني واستمرار التوتر التجاري.
خلاصة : الأسواق حاليًا في هدنة بفعل اتفاقات تجارية خففت حدة التوتر، لكن الاستقرار لا يزال هشًا، ويعتمد بدرجة كبيرة على اتجاه السياسات النقدية الأميركية ونجاح أو فشل المحادثات مع الصين. في ظل غياب اتفاقات شاملة، يظل المستثمرون عرضة لتغيرات مفاجئة في المعنويات، ويُفضل في هذا التوقيت التحرك وفق قراءات فنية دقيقة، ومراقبة مستويات الدعم والمقاومة الرئيسية، سواء في المؤشرات أو العملات.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.