التضخم من أكثر المصطلحات الاقتصادية انتشارًا وتداولًا خلال السنوات القليلة السابقة، وكل فرد يعرفه بناءً على رؤيته أو ما يعتقده بسبب بعض المعلومات الشائعة والتي قد تكون صحيحة أو خاطئة، فما هو التضخم؟ وما أسباب التضخم في مصر؟ ولماذا من الضروري معرفته وهل يؤثر على التداول؟ في هذا المقال من مدونة LDN سنأخذك في رحلة مبسطة ولكنها عميقة لفهم كل ما يتعلق بالتضخم من معناه وتأثيره وأسبابه وأهميته.
أسباب التضخم في مصر
- ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
- زيادة المعروض النقدي وسرعة الطباعة.
- ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والمواد المدعومة.
- عجز الميزان التجاري والاعتماد على الاستيراد.
- ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا.
- ارتفاع الدين العام.
التضخم فى مصر ناتج لعدة عوامل اقتصادية وسياسية كانخفاض قيمة الجنيه المصري وغيرها من العوامل التي ذكرناها سابقًا وسنتناولها باستفاضة، ولكن دعنا نتعرف أولًا.. ما هو التضخم.
ما معنى التضخم؟
التضخم هو الارتفاع المستمر في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات خلال فترة زمنية معينة، بمعنى آخر عندما تزداد الأسعار بشكل تدريجي تقل القوة الشرائية للعملة، أي أنك بنفس المبلغ من المال تستطيع شراء كميات أقل مما كنت تشتريه سابقًا.
فمثلًا، إذا كنت تشتري سلة من المنتجات بـ100 جنيه، ثم أصبحت تحتاج إلى 120 جنيهًا لشراء نفس السلة، فهذا يُعد تضخمًا بنسبة 20%، لكن بالطبع التضخم لا يُقاس بارتفاع سعر منتج واحد فقط، بل يُقاس بمتوسط أسعار مجموعة كبيرة من السلع والخدمات التي يستخدمها الأفراد بشكل يومي مثل الطعام والنقل والسكن والملابس.
التضخم الاقتصادي
هو ظاهرة مالية تحدث عندما تزداد كمية النقود في السوق بشكل أسرع من النمو الاقتصادي مما يؤدي إلى ارتفاع مستمر في الأسعار وانخفاض قيمة العملة.
يعد التضخم من أبرز المؤشرات التي تراقبها الحكومات والبنوك المركزية باهتمام شديد لأنه يؤثر بشكل مباشر على تكلفة المعيشة، والقدرة الشرائية للأفراد، والاستقرار الاقتصادي بشكل عام، كما أن خروج التضخم عن السيطرة قد يؤدي إلى ضعف القوة الشرائية وزيادة تكلفة الإنتاج مما يضغط على المواطنين فيتسبب بتذبذب النمو الاقتصادي.
أسباب ارتفاع معدلات التضخم في مصر
كما ذكرنا سابقًا هناك العديد من أسباب التضخم في مصر وتنقسم إلى عوامل داخلية وخارجية، ومن أبرز تلك العوامل:
- ارتفاع تكلفة الاستيراد
تعتمد مصر بشكل كبير على استيراد السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود، وعند ارتفاع أسعار تلك السلع عالميًا أو انخفاض قيمة الجنيه المصري، تزداد تكلفة الاستيراد مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية.
- انخفاض قيمة العملة المحلية
عندما تنخفض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية يزداد التضخم الاقتصادي.
- زيادة الإنفاق الحكومي في بعض الحالات
قد يؤدي التوسع في الإنفاق الحكومي على المشروعات الكبرى دون وجود ما يقوم بتغطية إنتاجية مقابلة إلى ضخ أموال أكثر في السوق، ما يؤدي إلى زيادة الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار.
- نقص الإنتاج المحلي
عندما يكون الإنتاج المحلي غير كافي لتلبية احتياجات السوق يزداد الاعتماد على الاستيراد، وترتفع الأسعار نتيجة لارتفاع الطلب وقلة العرض.
- العوامل الجيوسياسية والأزمات العالمية
التوترات الإقليمية والأزمات مثل كورونا أو الحرب في أوكرانيا، أثّرت على الإمداد العالمي ورفعت أسعار السلع الأساسية، مما انعكس على الأسواق المصرية.
بعد أن تعرفنا بالتفصيل على أسباب التضخم في مصر، سننتقل إلى جزء أكثر عمقًا وهو معدل التضخم وأنواعه وكيف يتم حساب ذلك المعدل؟
معدل التضخم
هو النسبة المئوية التي تحدد مقدار الزيادة في الأسعار خلال فترة زمنية معينة وغالبًا ما يتم قياسه على أساس سنوي أو شهري، هذا المعدل يُعد أداة أساسية لفهم مدى تأثير التضخم على الاقتصاد وحياة الأفراد.
عندما يكون معدل التضخم مرتفعًا، فهذا يعني أن أسعار السلع والخدمات ترتفع بسرعة مما يُضعف القدرة الشرائية للمواطنين، أما إذا كان منخفضًا أو مستقرًا فهو يشير إلى توازن نسبي في الأسعار.
كيفية حساب معدل التضخم
يحسب معدل التضخم من خلال قياس التغير النسبي في مستوى أسعار السلع والخدمات خلال فترة زمنية محددة، وغالبًا ما يُعتمد على ما يُعرف بـ “مؤشر أسعار المستهلك” (CPI) كمقياس أساسي
ويُستخدم القانون التالي لحساب معدل التضخم:
معدل التضخم = ((CPI في نهاية الفترة – CPI في بداية الفترة) ÷ CPI في بداية الفترة) × 100
مثال توضيحي إذا كان مؤشر أسعار المستهلك في بداية العام 150، وأصبح في نهاية العام 165، فإن
معدل التضخم = ((165 – 150) ÷ 150) × 100 = 10%
وهذا يعني أن الأسعار ارتفعت بنسبة 10% خلال العام، وهو ما يعكس معدل التضخم السنوي.
أنواع التضخم
توجد عدة أنواع للتضخم، وتصنف أنواعه بناءً على أسباب التضخم وتأثيره على الاقتصاد، ومن أهم تلك الأنواع:
التضخم الزاحف
هو التضخم الذي يحدث بشكل بطيء وتدريجي، حيث ترتفع الأسعار بنسبة صغيرة سنويًا، ويُعتبر هذا النوع الأقل ضررًا ويمكن السيطرة عليه.
التضخم المتسارع
يحدث عندما تبدأ الأسعار في الارتفاع بنسبة أعلى من المعتاد، وغالبًا ما يؤدي إلى قلق اقتصادي ويحتاج إلى تدخل من السياسات النقدية.
التضخم الجامح
في هذا النوع، ترتفع الأسعار بسرعة كبيرة وبنسب عالية، ما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية بشكل خطير، ويُعد من أخطر أشكال التضخم.
التضخم المفرط
يحدث عندما تصل معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، حيث ترتفع الأسعار بنسبة قد تصل إلى مئات أو آلاف، مما يؤدي إلى انهيار قيمة العملة.
التضخم المستورد
ينتج عن ارتفاع أسعار السلع المستوردة بسبب ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية أو بسبب تراجع قيمة العملة المحلية.
التضخم الناتج عن زيادة الطلب
يحدث عندما يرتفع الطلب على السلع والخدمات بشكل يفوق قدرة العرض، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
التضخم الناتج عن ارتفاع التكاليف
يحدث عندما ترتفع تكاليف الإنتاج مثل الأجور أو أسعار المواد الخام، مما يدفع الشركات لرفع أسعار منتجاتها.
التضخم في مصر 2025
شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة تقلبات ملحوظة في معدلات التضخم نتيجة التغيرات الاقتصادية والسياسية المحلية المتعلقة بسعر الصرف والدعم، إلى جانب تأثيرات الأزمات العالمية مثل تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
في عام 2025، تشير البيانات والتقارير الاقتصادية إلى أن معدل التضخم السنوي في مصر 14.9% وهي نسبة لا تزال مرتفعة مقارنة بالمستويات المرغوبة من قبل البنك المركزي الذي يستهدف معدلات تتراوح بين 7% و 9%.
رغم الجهود الحكومية المبذولة للسيطرة على الأسعار إلا أن وتيرة التضخم ما زالت تمثل أحد أبرز التحديات أمام الاقتصاد المصري في 2025، وهو ما يتطلب سياسات نقدية ومالية أكثر توازنًا واستقرارًا.
توقعات التضخم
تشير توقعات الخبراء والمؤسسات المالية إلى أن معدلات التضخم في مصر خلال الفترة القادمة ستظل تحت المراقبة الدقيقة من قبل البنك المركزي، خاصة مع استمرار التحديات وتقلبات الأسعار، ويُتوقع أن تشهد معدلات التضخم تباطؤ تدريجي خلال الربع الأخير من عام 2025 في حال استقرار الأوضاع العالمية.
مع ذلك، تبقى التوقعات مرهونة بالعديد من العوامل الخارجية، مثل أسعار النفط والسياسات التجارية العالمية ومدى قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات تعزز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
سياسات الحد من التضخم
- رفع الفائدة: يجعل القروض أغلى فيقل الشراء.
- تقليل المعروض النقدي: تقليل كمية المال في السوق فيخف الطلب.
- زيادة الضرائب: الناس يدفعون أكثر فيصرفون أقل.
- النتيجة: يقل الطلب فتنخفض الأسعار.
في نهاية رحلتنا عزيزي القارئ وبعد أن انغمسنا في هذا الموضوع العميق عن أسباب التضخم في مصر وما هو التضخم وتوقعاته، قد يخطر في ذهنك سؤال وهو هل التضخم سئ؟ وهل له تأثير على سوق الأسهم؟ بالطبع لن نتركك دون إجابة..
هل التضخم سئ؟
ليس من الضروري أن يكون التضخم سلبيا في جميع الحالات، فهناك نوع من التضخم يُعد صحيًا ومطلوبًا في أي اقتصاد، حيث يدل على وجود نمو اقتصادي وزيادة في الطلب، فعندما يكون التضخم معتدلاً وتحت السيطرة، فإنه يشجع على الاستثمار ويحفّز الشركات على الإنتاج والتوسع. المشكلة لا تكمن في وجود التضخم بحد ذاته، بل في مدى ارتفاعه واستمراريته، ومدى قدرة السياسات الاقتصادية على التحكم فيه.
هل يؤثر التضخم على سوق الأسهم؟
بالتأكيد، فإن التضخم يؤثر بشكل مباشر على سوق الأسهم ولكن تأثيره يختلف حسب نوعه وطبيعته، فعندما يرتفع معدل التضخم تبدأ تكاليف الشركات في الزيادة ما قد يقلل من أرباحها وبالتالي تتراجع أسعار أسهمها.
أيضًا يؤدي التضخم المرتفع إلى رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، وهو ما يجعل الاستثمار في الأسهم أقل جاذبية مقارنةً بأدوات الدخل الثابت مثل السندات.
لكن في بعض الحالات، قد تستفيد بعض القطاعات من التضخم مثل قطاع. الطاقة أو السلع الاستهلاكية، حيث تستطيع الشركات نقل ارتفاع التكاليف إلى المستهلك
بشكل عام، يسبب التضخم حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين مما يزيد من تقلبات السوق ويؤثر على سلوك المتداولين واستراتيجياتهم الاستثمارية.
وهنا تنتهي رحلتنا في عالم التضخم والاقتصاد المتقلب، وفي ظل التغييرات العالمية والمحلية فإن متابعة التضخم ليست رفاهية لذا احرص دائما على البقاء مطلعًا.
الأسئلة الشائعة عن أسباب التضخم في مصر
ما هو التضخم باختصار؟
التضخم هو الارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات، مما يؤدي إلى تراجع القوة الشرائية للنقود.
هل التضخم دائمًا أمر سيئ؟
ليس بالضرورة، فالتضخم المعتدل قد يكون مؤشرًا على نمو اقتصادي صحي، بينما التضخم المفرط قد يُضعف الاقتصاد ويؤثر سلبًا على الأفراد والشركات.
ما العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى التضخم في مصر؟
أبرزها انخفاض قيمة الجنيه، وزيادة الاعتماد على الاستيراد، وارتفاع أسعار الطاقة عالميًا، إلى جانب الأزمات الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية المحلية.
كيف يؤثر التضخم على الأفراد؟
يؤدي إلى زيادة تكاليف المعيشة، وارتفاع أسعار السلع، وتآكل المدخرات، مما يقلل من قدرة الأفراد الشرائية.
هل يؤثر التضخم على سوق الأسهم؟
نعم، فارتفاع التضخم قد يضغط على أرباح الشركات ويزيد من تقلبات السوق، لكنه قد يُفيد قطاعات معينة مثل الطاقة والسلع الاستهلاكية.
ما الحلول المتاحة للحد من التضخم؟
تطبيق سياسات نقدية فعّالة من قبل البنك المركزي، وتشجيع الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، إلى جانب مراقبة الإنفاق الحكومي.