مع فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة في انتخابات 2024، تتجدد التساؤلات حول مستقبل الشركات الصغيرة في ظل سياسات إدارته. فبينما يترقب البعض الفرص التي قد توفرها عودة ترامب، يخشى آخرون من تأثير الإجراءات المحتملة على استقرار أعمالهم، مما يخلق مزيجاً من التفاؤل الحذر والغموض.
التحديات التي تواجه الشركات الصغيرة:
يعيش أصحاب الشركات الصغيرة حالة من الترقب لما ستؤول إليه الأمور، خاصة في ظل تجربتهم السابقة مع إدارة ترامب. مثال على ذلك شركة Barrel-Art، المتخصصة في تصنيع الأثاث من براميل الويسكي والنبيذ. عانت الشركة انخفاضاً في المبيعات خلال فترة الانتخابات نتيجة لانتظار المستهلكين والشركات لحسم النتائج، لكن بعد إعلان الفائز، انتعشت المبيعات بشكل ملحوظ.
ومع ذلك، يشير مايكل بريتو، مالك الشركة، إلى أن البيئة الاقتصادية الحالية تختلف عن الأعوام السابقة. فالتحديات تبدو أكثر تعقيداً، في ظل شكوك بشأن مدى واقعية وعود ترامب الانتخابية وقدرتها على التأثير الإيجابي على قطاع الشركات الصغيرة.
القلق بشأن التجارة والرسوم الجمركية:
تعد الرسوم الجمركية وقيود التجارة أحد أكبر المخاوف التي تؤرق أصحاب الأعمال الصغيرة. بالنسبة لمايكل بريتو، فإن احتمال زيادة الرسوم الجمركية يثير مخاوف بشأن ارتفاع تكلفة المواد الخام المستوردة، مما قد يؤثر على استمرارية الإنتاج.
من ناحية أخرى، أظهر بعض أصحاب الشركات استراتيجيات استباقية لمواجهة هذه التحديات. كليفتون بروماند، مالك شركة Man & Machine، قام بزيادة وارداته وتخزين المواد اللازمة لتغطية الإنتاج لمدة عام، في محاولة للحد من التأثير المحتمل لارتفاع الأسعار.
تأثير السياسات الضريبية:
تُعتبر التخفيضات الضريبية التي أُقرت في عهد ترامب عاملاً مشجعاً لبعض أصحاب الأعمال للتوسع. جيف وود، مؤسس شركة Coldwater Capital، عبّر عن تفاؤله بعودة الاستثمارات بعد الانتخابات، مشيراً إلى أن التخفيضات الضريبية السابقة ساعدته في التوسع بشكل ملحوظ. ومع ذلك، فإن الظروف الاقتصادية الحالية قد تؤثر على خطط نموه المستقبلية.
أهمية الدعم الحكومي:
جانب آخر من التحديات يتمثل في الحاجة الملحة للدعم الحكومي. جانا رودريغيز، مالكة شركة Innovative Daycare Corp، ترى أن رعاية الأطفال كقطاع اقتصادي يحتاج إلى دعم فيدرالي كبير للتغلب على التحديات المالية. ترى رودريغيز أن هذا الدعم يمكن أن يكون عنصراً حيوياً لضمان استدامة الأعمال التي تقدم خدمات للأسر ذات الدخل المحدود.
في المقابل، يواجه بعض أصحاب الأعمال مثل مارك ماركوس، مؤسس وكالة Reel Management، مخاوف من تأثير سياسات إدارة ترامب على التنوع الثقافي. ماركوس يدير وكالة تمثل ممثلين في برامج التلفزيون الواقعي، ويعتقد أن السياسات الجديدة قد تضر بمبادرات التنوع والاحتواء التي تعد جوهر أعماله.
تطلعات متفائلة وسط الغموض:
رغم التحديات، يبدي بعض أصحاب الأعمال الصغيرة تفاؤلاً بإمكانية تحقيق نمو اقتصادي في ظل السياسات الجديدة. ومع ذلك، يظل القلق بشأن الرسوم الجمركية وارتفاع تكاليف المعيشة عاملاً مؤثراً.
“جون أرينسمير”، مؤسس ورئيس منظمة “Small Business Majority”، يشير إلى أن الشركات الصغيرة التي تعاني بالفعل من أزمات اقتصادية قد تواجه تعقيدات أكبر في المستقبل، خاصة إذا لم تُنفذ وعود ترامب بشكل مدروس. ومع ذلك، يرى أرينسمير أن المرونة والتكيف هما العاملان الأساسيان لضمان استمرارية هذه الشركات.
الاستعداد للمستقبل بعد عودة ترامب:
في ظل الضبابية الاقتصادية والسياسية، يصبح لزاماً على الشركات الصغيرة تبني استراتيجيات مرنة. فالتوسع، تخزين الموارد، والمطالبة بالدعم الحكومي تعد من أهم الخطوات التي يمكن أن تساعد هذه الشركات على مواجهة التحديات.
ومع تزايد الاعتماد على الدعم الحكومي، يبقى التحفيز الاقتصادي ضرورة ملحة. فالاستثمارات الجديدة، وتخفيض الضرائب، وإزالة العوائق أمام التجارة يمكن أن تشكل دفعة قوية لقطاع الأعمال الصغيرة، مما يعزز قدرتها على التكيف مع المستقبل الغامض الذي ينتظرها.
ختاماً
تمثل عودة ترامب إلى البيت الأبيض نقطة تحول للشركات الصغيرة، حيث تتشابك التحديات والفرص. ورغم أن الطريق قد يكون صعباً، إلا أن التكيف مع الظروف المتغيرة يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة لهذه الشركات في المستقبل.
