من المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير يوم الخميس، إذ لا تزال معدلات التضخم ضمن نطاق الهدف المحدد من قبله، إلا أن التحديات التجارية والسياسية المتزايدة تدفعه إلى إبقاء خيار التيسير النقدي مطروحًا.
وكان البنك قد خفّض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2% خلال العام المنتهي في يونيو، ثم حافظ على استقرارها منذ ذلك الحين، معتبرًا أن اقتصاد منطقة اليورو، التي تضم 20 دولة، لا يزال في “وضع جيد”، رغم أنه لا يستبعد المزيد من التيسير في المستقبل.
البيانات الاقتصادية التي صدرت خلال فصل الصيف عززت هذا التقييم الإيجابي، ومنحت صناع السياسة النقدية مزيدًا من الوقت لتحليل آثار الرسوم الجمركية الأمريكية، وزيادة الإنفاق الحكومي في ألمانيا، والاضطرابات السياسية في فرنسا على النمو والتضخم.
ومن المرجح أن تتبع رئيسة البنك المركزي الأوروبي نفس النهج الحذر الذي اعتمدته في يوليو، عندما امتنعت عن تقديم أي مؤشرات واضحة بشأن مسار أسعار الفائدة المستقبلي، مؤكدة على استراتيجية التواصل غير الملزم.
ومع ذلك، من غير المتوقع أن تغلق الباب تمامًا أمام خفض إضافي للفائدة، خاصة في ظل توقعات بتراجع معدل التضخم مؤقتًا دون مستوى 2% المستهدف في العام المقبل، وهو ما يُبقي على احتمالية تنفيذ خفض “احترازي” أخير في نهاية العام قائمة في الأسواق.
يرى محللون أن خطر بقاء التضخم دون المستوى المستهدف لفترة طويلة، والذي قد يتضح بشكل أكبر في ديسمبر عندما يُصدر البنك توقعاته حتى عام 2028، يشير إلى ميل السياسة النقدية نحو التيسير، حتى وإن كان النقاش محصورًا في خفض واحد فقط، ما يعكس أن دورة تعديل السياسات النقدية شارفت على نهايتها، وأن أسعار الفائدة ستظل مستقرة نسبيًا لفترة ممتدة.
تشير توقعات المستثمرين إلى احتمالية تتراوح بين 50% و60% لخفض واحد أخير بحلول الربيع المقبل، في وقت يتوقع فيه أن يُقدم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على ستة تخفيضات حتى نهاية العام المقبل.
وسيتخذ البنك قراره في تمام الساعة 12:15 بتوقيت غرينتش، على أن تعقد رئيسة البنك مؤتمرًا صحفيًا في الساعة 12:45.
النقاش الأساسي بين صانعي القرار يتمحور حول كيفية تقييم المخاطر. الأعضاء الذين يتبنون توجهاً متشددًا يرون أن اقتصاد منطقة اليورو أظهر صمودًا غير متوقع أمام التوترات التجارية، وأن النمو لا يزال مدعومًا باستهلاك خاص قوي.
ويستند هؤلاء إلى تعافي الإنتاج الصناعي وزيادة الإنفاق الحكومي في ألمانيا كمؤشرات على أن النمو سيتواصل بوتيرة معتدلة. وبالرغم من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي على واردات الاتحاد الأوروبي وصلت إلى 15%، أي أكثر من المتوقع، إلا أن الشركات الأوروبية تُظهر قدرة على التكيّف، كما أن التوصل إلى اتفاق تجاري يخفف من حدة هذه الآثار.
في المقابل، يرى المسؤولون الذين يميلون إلى التيسير أن آثار الرسوم الجمركية لم تنعكس بالكامل بعد على الاقتصاد، وقد تؤثر سلبًا على وتيرة النمو الضعيفة أساسًا، مما قد يؤدي إلى تراجع الاستهلاك مجددًا. ويخشى هؤلاء من أن يتسبب ذلك في ضغوط على الأسعار خلال العام المقبل، بالتزامن مع تراجع التضخم عن الهدف، وهو ما قد يدفع الشركات إلى تعديل سياساتها التسعيرية وأجور العاملين، مما يؤدي إلى ترسيخ نمو ضعيف للأسعار كما كان الحال قبل الجائحة.
من ناحية أخرى، فإن التوجه المنتظر للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض الفائدة قد يساهم في دعم اليورو أمام الدولار، ما يُضيف ضغوطًا هابطة على الأسعار في منطقة اليورو.
ويتوقع بعض الاقتصاديين أن يبقي البنك المركزي الأوروبي على الفائدة دون تغيير هذا العام، لكنه قد يلجأ إلى خفضها مطلع العام المقبل لحماية توقعات التضخم في حال تراجعت هذه التوقعات مع انخفاض التضخم الفعلي.
كما يشكل تصاعد التوتر السياسي في فرنسا تحديًا إضافيًا للبنك، خاصة مع الارتفاع الحاد في عوائد السندات الفرنسية، رغم أن البنك يمتلك أدوات للتدخل، إلا أنها تُستخدم فقط في حال حدوث ارتفاع غير مبرر وفوضوي في تكاليف الاقتراض، وهو ما لا ينطبق على الوضع الحالي، في ظل المستويات العالية للديون وضعف النمو الاقتصادي في فرنسا.
كن على إطلاع بالأسواق العالمية من خلال تحليلاتنا السابقة كما يمكنك الاستفادة الآن من خدمات شركة LDN عبر منصة تداول LDN Global Markets.