بوينت اند فيجر طريقة عبقرية لفهم حركة الأسعار بدون تعقيد

في عالم التحليل الفني تبرز أداة قديمة بفعالية لا تقل عن الأدوات الحديثة، إنها أداة بوينت اند فيجر (Point and Figure Chart) التي أثبتت عبر عقود أنها من أكثر الرسوم البيانية دقة في تحديد الاتجاهات الحقيقية للأسعار، فبينما تركز معظم الرسوم البيانية على الزمن والسلوك اللحظي، تتجاهل الرسوم البيانية بالنقطة والرقم عامل الوقت تمامًا، لتُظهر فقط ما يهم المتداول حقًا: حركة السعر واتجاهه الفعلي.

تعتمد تلك الأداة على رمزين بسيطين (X) و(O) لكن خلف بساطتهما يكمن نظام تحليلي قوي يساعد المتداولين على رصد الاتجاهات وتحديد نقاط الانعكاس والتفريق بين الحركة التصحيحية والاتجاه الحقيقي للسوق.

في هذا المقال من مدونة LDN سنتعرف معًا على ما هو الرسم البياني بالنقطة والرقم (Point & Figure Chart)، وكيف تعمل آليته وما المقصود بـ حجم النطاق السعري ومعامل الانعكاس، ولماذا لا يزال المحللون يعتمدون عليه حتى اليوم رغم تطور أدوات التداول الحديثة.

بوينت اند فيجر الرسم البياني بالنقطة والرقم

Point and Figure Chart هو أقدم أنواع الرسوم البيانية المستخدمة فى التحليل الفنى ويرجع تاريخ الرسم البيانى بالنقطة والرقم إلى أكثر من 60 عام. 

مكونات رسم بوينت اند فيجر

يختلف الرسم البيانى بالنقطة والرقم عن الرسوم البيانية الأخرى فى طريقة حسابه وتكوينه، ومن أهم تلك الاختلافات أنه يتجاهل عامل الزمن ويعتمد فقط على عامل السعر، ولا يوجد فجوات سعرية (Price gaps). 

يتكون الرسم البيانى من رمزين (X) و (O): 

1- رمز (X) يعبر عن قيمة سعرية صاعدة. 

2- رمز (O) يعبر عن قيمة سعرية هابطة. 

3- (X) و(O) يطلق عليهما اسم النطاق (Boxe Size). 

4- كل (X) أو (O) تعبر عن نطاق سعري محدد، ويطلق عليهم أسم “حجم الإطار (Box size)”. 

5- عدد النقاط اللازمة لعكس الاتجاه، ولرسم عمود جديد ويعبر عن نطاق سعرى معين، يطلق عليه “مدى الانعكاس (Reversal Box)”. 

النطاق السعري (Box Size)

لإضافة (X) أو (O) جديدة فإن ذلك يتطلب السعر أن يتحرك عدد معين من النقاط، هذا العدد يحدد بقيمة معينة وهذه القيمة تسمى حجم النطاق السعرى (Box size) فقد تكون هذه القيمة نقطة واحدة أو نصف نقطة أو 50 نقطة. 

مثال على بوينت اند فيجر

لنفترض أن إعدادات حجم النطاق السعري تم تحديدها عند 50 نقطة، وهذا يعني أن السعر يجب أن يتحرك بمقدار 50 نقطة كاملة في نفس الاتجاه حتى تتم إضافة رمز جديد على الرسم البياني، سواء كان X للاتجاه الصاعد أو O للاتجاه الهابط. 

إذا تحرك السعر من مستوى 1150 إلى 1200، فهذا يعني أنه قطع مسافة 50 نقطة صعودًا، وبالتالي تُضاف X جديدة في العمود الصاعد، لتمثل استمرار الحركة الإيجابية للسعر. 

أما إذا ارتفع السعر بعد ذلك من 1200 إلى 1210 فقط، فلن تُضاف X جديدة، لأن السعر لم يُكمل بعد المسافة المطلوبة وهي 50 نقطة كاملة من آخر مستوى تم تسجيله، أي أنه لم يصل بعد إلى 1250 ليتم رسم الرمز التالي. 

من خلال هذا المثال، يمكننا فهم أن حجم النطاق السعري (Box Size) هو العامل الأساسي الذي يحدد عدد النقاط اللازمة لإضافة رمز جديد على الرسم البياني، مما يساعد المتداول على قراءة الاتجاهات بدقة أكبر دون التأثر بالحركات السعرية البسيطة أو العشوائية. 

آلية عمل أداة بوينت اند فيجر (Point & Figure) 

تُعد أداة بوينت أند فيغر من أهم الأدوات المستخدمة في التحليل الفني لفهم حركة الأسعار بطريقة مختلفة عن الرسوم البيانية التقليدية، وتعتمد هذه الآلية على تقسيم الرسم البياني إلى مربعات متساوية الحجم، بحيث يمثل كل مربع حركة سعرية محددة لزوج العملات، يتم التعبير عن الاتجاهات الصاعدة والهابطة باستخدام رمزين مختلفين: 

• رمز للاتجاه الصاعد يُرسم عندما يتحرك السعر إلى الأعلى. 
• رمز للاتجاه الهابط يُرسم عندما ينخفض السعر. 

يتم رسم الرموز بشكل متتابع؛ فإذا استمر السعر في الارتفاع، يُضاف رمز جديد فوق الرمز السابق، بينما إذا انعكس الاتجاه نحو الهبوط، يُضاف الرمز أسفل السابق. بهذه الطريقة يتكوّن لدينا رسم بياني بسيط وواضح يوضح رحلة السعر بين الارتفاع والانخفاض دون التركيز على الزمن بل على حركة السعر فقط. 

معامل الانعكاس (Reversal Factor)

من العناصر الأساسية في آلية بوينت اند فيجر وهو المعيار الذي يحدد مقدار الحركة اللازمة لعكس الاتجاه في الرسم، فعندما يتحرك السعر بمقدار يساوي هذا المعامل، يبدأ الرسم باستخدام الرمز المقابل للاتجاه الجديد. 

يُعتبر هذا المعامل عاملًا حاسمًا في تحديد مدى حساسية الرسم البياني لحركات السعر، إذ يعتمد على نمط حركة الزوج اليومية وحجم التداول المرتبط بها، وتجدر الإشارة إلى أن قيمة معامل الانعكاس تختلف من زوج عملات إلى آخر؛ فمثلًا يختلف معامل الانعكاس لزوج اليورو/دولار عن نظيره في زوج الأسترالي/دولار. 

أهمية معامل الانعكاس في آلية بوينت اند فيجر

يُعد معامل الانعكاس من أهم العوامل التي تحدد دقة أداة بوينت اند فيجر، إذ يساعد على تجنّب الضوضاء الناتجة عن التحركات السعرية المتذبذبة، ففي حالة تقلب الأسعار ضمن نطاق ضيق قد يؤدي غياب معامل الانعكاس إلى انتقال الرسم إلى الاتجاه المقابل قبل اكتمال التكوين في الاتجاه الأول مما يقلل من دقة التحليل، لكن بفضل معامل الانعكاس، يمكن للمتداولين تحديد الاتجاه الرئيسي للسوق بوضوح، دون أن تتأثر قراءاتهم بالحركات الجانبية القصيرة أو الانحرافات الطفيفة في الأسعار، وهنا تكمن قوة أداة البوينت آند فيجر إذ تمنح المتداول رؤية دقيقة وواضحة للحركة الفعلية التي يمر بها زوج العملات، مما يساعده على اتخاذ قرارات تداول أكثر وعيًا وثقة.

في النهاية، يمكن القول إن أداة بوينت اند فيجر (Point & Figure Chart) ليست مجرد أسلوب تقليدي في التحليل الفني بل هي طريقة مختلفة تمامًا في رؤية حركة السوق بوضوح وبعيدًا عن ضجيج التذبذبات اللحظية، فهي تساعد المتداولين على اتخاذ قرارات أكثر اتزانًا من خلال التركيز على اتجاه السعر الحقيقي وتجاهل العوامل الثانوية التي تُربك التحليل، لذا سواء كنت محللًا محترفًا أو متداولًا يسعى لتطوير استراتيجيته فإن فهم هذه الأداة واستخدامها بذكاء يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في نتائجك.